للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢)

دور الأزهر

لاشك أن للأزهر (٩٧٢ م) دوره الكبير في ثقافتنا العربية، هذا الدور الذي امتد خلال ألف سنة دون أن يتوقف، حتى في الفترة التي ركد فيها الفكر العربي الإسلامي وأصابه الجمود والتوقف، ظل الأزهر حمى للتراث الإسلامي وملاذا للغة العربية والدين، فلما بدات اليقظة الفكرية المعاصرة دبت الحياة في الأزهر من جديد ومضى يواجه الطريق إلى التطور والنهضة ومقاومة الغزو الثقافي والاستبداد والنفوذ الأجنبى والاستعمار، فكان مصدرا لكل حركات المقاومة الوطنية في خلال العصر الحديث كما كان في الفترة السابقة معتقلا لحماية اللغة العربية والدين والتراث الإسلامي حيث حفظ اللغة العربية من طغيان اللغات الأجنبية وقد قام الأزهر بدوره ازاء النفوذ الأجنبى والاستعمار.

أولا: قاوم استبداد الولاة المماليك وقام بتحرير وثيقة تحرير الانسان.

ثانيا: قاوم الحملة الفرنسية وقاد المقاومة الشعبية.

ثالثا: عزل الحاكم التركى خورشيد.

رابعا: اشترك في الثورة العرابية.

خامسا: كان الأزهر معقلا لثورة ١٩١٩.

وقد اتصل الأزهر بالثقافة الغربية الحديثة منذ أوائل القرن التاسع عشر حيث سافر رفاعة الطهطاوى إلى باريس، وعياد الطنطاوى إلى بطرسببرج وتشهدت جامعة السريون عام ١٨٢٨ حفلا عاما من علماء فرنسا وعظمائها يستمعون إلى الأزهريين في امتحانهم وكان " حسن العطار " الذي تولى - فما بعد منصب شيخ الأزهر هو استاذ رفاعة الطهطاوى، وعياد الطنطاوى وغيرهم، حيث كان يدرس لهم مقامات الحريرى وديوان الحماسة، ولم تكن هذه الكتب تدرس

فى الأزهر وقد اتصل بعلماء الفرنسيين الذين قدموا مع الحملة الفرنسية وأفاد منهم ثقافيا.

كان الشيخ حسن العطار (١١٨٠ - ١٢٥٠) أول من نبه إلى اصلاح الأزهر بتجديد برامج التعلم فيه، ونقد اهمال الأزهر كتب المتقدمين والعلوم الحديثة والرياضة ووجه رفاعة الطهطاوى إلى دراسة العلوم الذي نبغ فىها الغرب ليقوم بنقلها إلى اللغة العربية.

وحقق رفاعة أمل شيخه وكان لترجماته وأبحاثه أثرها في كسر ذلك القيد الذي وقف طويلا بين الأزهر وبين الثقافة الحديثة وخفف من حدة نظرة العداء إلى المدنية الأوربية.

ودعا رفاعة الطهطاوى إلى اصلاح الأزهر وادخال العلوم العصرية فيه غير أن الأزهر لم يكن مستعدا للتطور السريع، ولذلك فقد عجز أن يواجه الاتجاه التغريبى الذي قام به إسماعيل في نقل القوانين الفرنسية.

وقد ورد في بعض المراجع (كتاب مستر دن المستشرق الانجليزى: الحياة الفكرية في التاسع عشر) أن الحملة الفرنسية حينما قدمت إلى مصر وجدت في صحن الأزهر بضع نساء يتعلمن إلى جانب الشبان لكى يفقهن في الدين. وأنه كانت هناك عالمة ضريرة يلتف حولها الشبان ويتلقون الدروس عنها. واذا كان البعض قد أثار الشك حول هذه الرواية فأن التاريخ قد حفظ أسماء: فاطمة الأزهرية وسنية الطبلاوية، وهما اللتان تعلمت على أيديهما عاشئة التيمورية فن القصائد والموشحات.

٢ - وقد كانت طريقة التعليم في الأزهر اذ ذاك كما وصفها: محمد خالد حسنين هى الطريقة الاملائية. فكان الاستاذ يجلس وسط حلقة من طلبته ويملى عليهم درس الاملاء. وقد أبث الأزهر على ذلك فترة من الزمن إلى أن كثر التدوين والتأليف فشرعوا في دراسة الكتب.

<<  <   >  >>