للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤)

تطور التعليم

للتعليم أثره الواضح في تكوين الفكرى العربي الإسلامي المعاصر وكانت نهضته علامة على اليقظة الفكرية التي شملت الوطن العربي كله. غير أن هناك عوامل متعددة حالت دون دفعه في طريقه الطبيعى أهمها: الاستبداد والاقطاع والنفوذ الأجنبى. فقد كانت هذه الفئات الثلاث تكره التعليم وتراه خطرا على وجودها. ولذلك وقفت في وجهه فلما عجزت عن صد تياره أثرت في مفاهيمه وغاياته وانحرفت بها عن الهدف الأصيل.

وقد كان التعليم في أوائل القرن التاسع عشر في العالم العربي قاصرا على المدارس الدينية والكتاتيب ومعاهد اللغة والدين، كالأزهر، والقرويين، والزيتونة وغيرها من الخلايا والزوايا الملحقة بالمساجد الجامعة لحلقات الدرس والصلاة.

وكانت أولى حركات اصلاح التعليم تهدف إلى ادخال مناهج العلوم العقلية والنظم الحديثة إلى هذه المعاهد.

غير أنه لم تلبث أن ظهرت تحت تأثير الاتصال بالحضارة الحديثة أنظمة جديدة للتعليم خاصة في الاستانة، ومصر، ولبنان اذ انشئت المدارس، والمعاهد والكليات على الأنظمة الحديثة. وكان شباب العالم العربي كله يتجه إلى الاستانة للتعليم العالى، وفي مصر كان لنهضة محمد على العسكرية أثرها في انشاء المدارس الحديثة.

وكان للمراسلين اليرانب: من الفرنسيين والأمريكيين أثرهم الواضح في انشاء المدارس الحديثة، والمعاهد، والكليات، في بيروت واسيوط.

[(المرسلين الأجانب هم المبشرين)]

وكانت المدارس العربية في الشام (لبنان وسوريا وفلسطين) والعراق تعلم باللغة التركية بوجه عام، حتى لقد كانت تدرس قواعد اللغة العربية باللغة التركية

ثم اتجهت المدارس العليا التركية إلى التعليم باللغة الفرنسية إلى جواز اللغة التركية، وفي مصر كان لرفاعة الطهطاوى وعلى مبارك (فى منتصف القرن التاسع عشر) أثرهما في تطوير التعليم فقد كان الأول أزهرى التعلم وكان الآخر مدنى التعلم، وقد أتيح لهما أن يدرسا في فرنسا، ثم كان لهما العمل في اعدادت المناهج بعد عودتهما. وقد وصل على مبارك إلى مرتبة عليا حيث نال أرقى منصب في وزارة المعارف (١٨٧٩).

وقد عمل رفاعة في ميدان التأليف والترجمة واعداد المناهج وبلغ في ذلك أسمى غاية حيث دعا إلى الاقتباس الصالح من الغرب وأدخل النشيد الوطنى، وأعلى شأن الدعوة الأقليمية إلى الدستور والحرية، ويعد أول من تحدث عن الوطنية ودعا إلى الاعتزاز بالتاريخ المصرى، والتراث الفرعونا وحاول أن يغطى الثغرات المختلفة في الكتب والمؤلفات المقررة على المدارس.

أما " على مبارك " فقد كان اداريا نابغا حقق التعليم نتائج هامة، حيث نقل المدارس من العباسية إلى سراى درب الجماميز، ونظم المدارس الأهلية وأنشا مدارس مركزية في بعض مدن القطر. وانفق على المدارس من تبرعات الأهلى وأموال الأوقاف الخيرية وكان له فضله في انشاء مجلة ثقافىة حررها عدد كبيرى من رجال الفكر المسماة (روضة المدارس) أنشأ دار الكتب، حيث جمع الكتب المتناثرة في المكتبات المختلفة في مكتبة كبرى جامعة كلما أنشأ دار العلوم ليكمل بها النقص الذي وجده في مناهج الأزهر وهو نفس العمل الذي قام به طاهر الجزائرى في دمشق، حيث أنشأ المكتبة الظاهرية من مختلفة المكتبات المتناثرة.

وكان لعلى مبارك " مندرة " لها أثر تاريخى، واضح الدلالة فهى اشبه بالرواق العباسى الذي كان

<<  <   >  >>