للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء العلماء من بعد ذلك يقولون بقصور العلم، وبدأ في أوربا_كرد فعل على النظرية المادية_ مباحث الروحية العصرية, وقد تشدد علماء المادية في رفض الروحية وأبناءها ورموا القائلين بها بكل مثلبة، غير أن العلم التجريبى سلم في نهاية الأمر بأنه قد اكتشف العالم الروحاني بأسلوبه العلمى المحسوس".

وقد دارت هذه المعركة في أوربا خلال القرن التاسع عشر, ولكننا نحن هنا في الوطن العربي كنا ما نزال نتذف بسيل من الأبحاث حول المادية والنشوء والارتقاء كوسيلة من وسائل البلبلة الفكرية والغزو الثقافي

والتشكيك في ثقافتنا الإسلامية الجامعة بين العلم وعقائدنا الدينية.

***

[المادية التاريخية]

وظهرت نظرية المادية التاريخية التي دعا اليها ماركس (١٨١٨ - ١٨٨٣) وملخصها: أن الظواهر الاقتصادية يمكن ملاحظتها وتسجيلها بنفس الدقة التي تسجل بها العلوم الطبيعية, وهى مقتبسة من نظرية الفيلسوف الألمانى "هجل" التي تتلخص في "أن كل شيء كائن في العالم في حالة تغير دائم متواصل وان التقدم والارتقاء نتيجة للأثر والتأثر بين قوى بدافع بعضها البعض, وقد لخص ماركس نظريته في أن تاريخ المجتمع الحاضر كله ما هو الا تاريخ نزاع بين الطبقات, فالعبيد والأحرار والدهماء ورجال الطبقة العليا والسيد والتابع والمعلم والصانع, وفي الجملة كل هؤلاء وقف الواحد منهم ضد الآخر في حرب لا هوادة فيها.

وتفسر "المادية التاريخية" التاريخ تفسيرا ماديا وتعلل بها الثورات والحروب والأحداث, وقد وجد ماركس "أن التاريخ يمثل صراعا عنيفا بين الطبقات الاقتصادية وأن جميع أنواع الصراع في التاريخ سواء في ميدان السياسة أو في ميادين الدين والفلسفة والاجتماع ما هى الا تعبير صادق عن الصراع الطبيعي في المجتمع".

ويتصل بهذا نظرية " كارل ماركس" في رأس المال وتوزيع الثروة وحق الطبقات العاملة وهي النظرية التي قامت على أساسها الثورة الشيوعية والسوفيتية إلى أطاحت عام ١٩١٧ بحكومة القياصرة.

وقد أثارت هذه النظريات جدلا كبيرا في الفكر العربي الإسلام, ووقف الوطن العربي واسعا تحت سلطان الدول الغربية الرأسمالية يعمل على مقاومة النظرية الماركسية وجرت مقارنات بينها وبين ما يماثلها في النظم الإسلامية مما أطلق عليه اسم الاشتراكية الإسلامية, ووجهت حملات عنيفة على الاشتراكية بصفة عامة تحت تأثير الاستعمار الذي كان يحرص على تدعيم أنظمة الاقطاع والرأسمالية والاستغلال الاقتصادي تتوم به الرأسمالية الاستعمارية في العالم العربي.

***

[نظرية ماركس]

" أن الضرورة الأولى والأساسية والشغل الشاغل لبنى الانسان هو الطعام والشراب والملبس والمأوى التي لا يستطيع بدونها أن يشغل باله بالسياسة والعلم والفن والدين وغير ذلك, وهذه الحقيقة تعنى أن انتاج المواد الضرورية الحيوية لبنى الانسان وما يتبعه من تطور مظاهر الاقتصاد القومى القائم في عصر ما, أو امة ما, هو الأساس الذي بنيت عليه جميع أنظمة الدولة من قانونية وفنية وحتى المعتقدات الدينية نفسها, وجملة القول أن التنازع على التنازع على الطعام والمأوى هما العاملان اللذان يهيمنان على شئون الجنس البشرى جميعا, ويرى ماركس أن "المسيحية تعلم الناس القناعة بنصيبهم في الحياة الدنيا وتشيد بالاستسلام والخنوع والتواضع فكأنها تخدر أعصاب الشعب وتعمل فيه عمل الأفيون" روبرت. ب. دواتر: كتب غيرت وجه العالم"

وقد وجه النظرية الماركسية الكثير من النقد, وقد نقضها الماركسيون أنفسهم أمثال (سدنى هوك).

وقد تحولت نظرية ماركس إلى دولة بقيام الثورة الشيوعية في روسيا ولكنها كانت بعيدة الأثر في التفكير الاقتصادى في العالم كله, فانها عدلت كثيرا من أنظمة الدول الرأسمالية ودفعت الدول المختلفة التي تقبل نظم (الاشتراكية) وتأميم المرافق لصالح الشعب وبذلك قامت أنظمة وسطى بين الرأسمالية الديمقراطية وبين الشيوعية الماركسية.

<<  <   >  >>