للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٨٦٤ بمساعدة صديقيه البستانى والبازجى، وهو صاحب فكرة البدء بالتبشير من القرية والتوسع فيه للوصول إلى المدينة.

ولكى نرسم صورة لاثر التبشير في الثقافة العربية والفكر الإسلامي نعرض نموذجا من تاريخنا كما يكتبه المبشرون ويدرسونه في مدارس الارساليات الاجنبية في لبنان بقصد تشويه تاريخنا واهدار عظمته وجلاله.

يقول (لاكولى) في كتابة البحث من الدين الحقيقى: "فى القرن السابع للميلاد برز في الشرق عدو جديد ذلك هو الإسلام الذي اسس على القوة. وتام على اشد انواع التعصب. لقد وضع محمد السيف في ايدى من اتبعوه. وتساهل في اقدس قوانين الاخلاق. ثم سمح الاتباعه بالفجور والسلب. وبعد قليل اصبحت اسية الصغرى وافريقية واسبانيا فريسة له.

ثم ها هى النصرانية تضع بسيف كارل مارتل سدا في وجه الإسلام المنتصر عند يواتيه ٧٥٢ م ثم تعمل الحروب الصليبية في مدى قرنين تقريبا (١٠٩٩ - ١٢٥٤) في سبيل الدين لنجاة النصرائية، وهكذا تقهقرت قوة الهلال امام راية الصليب وانتصر الانجيل على القرآن".

***

[مصر في ظل التبشير]

ظهر التبشير في مصر منذ اوائل القرن الماضي واتسع في عهد إسماعيل وبلغ ذروته في ظل الاحتلال البريطاني (١٨٨٢) وكان ابرز دعاته "القس زويمر" الذي اقتحم الأزهر ووزع منشوراته فيه علنا في عهد حكم إسماعيل صدقى (١٩٣٣) وقد كانت: الجامعة الامريكية ومستشفى هرمل هما ابرز معاقل التبشير في مصر.

وقد كان احتلال السودان خطوة غزو بعيدة المادى بالنسبة لحركة التبشير فقد فتح لها الطريق إلى قلب افريقيا.

ويروى توفيق حبيب (الصحفى العجوز في هامشه ٢٩/ ٤/ ٣٨ الاهرام) انه في اوائل القرن الماضى ١٨٠٠ حضر إلى مصر خمسة من رجال الكنيسة الانجليزية للوعظ والتبشير ثم عادوا إلى بلادهم الواحد بعد الاخر ولم يبق منهم الا رجل واحد هو المستر (ليدر) وسكن بالدرب الواسع، واتصل ببطريرك الاقباط الانبا كليرس الرابع ذكر له ان الكنيسة الانجليزية مستعدة لانشاء مدرسة خاصة لتعليم ابناء الاقباط وارسل بعثة منهم إلى ماطة للتعليم على حسابها. ثم انشا الاسقف جوين الانجليزي مجلة (الشرق والغرب) وكنيسة في حى قصر الدوبارة ومستشفى هرمل في مصر القديمة. وكانت لها دار في ميدان الازهار (الفلكى) للمساجلات الادبية والبحث في العقائد لم تلبث ان عطلت منعا لما كان يقع في بعض اجتماعاتهم من المشاغبات. وكان القس (جاردز) من ابرز رجال الارسالية الانكليزية واعرفهم باللغة العربية وكان لهذا القس اليد الطولى في تاسيس فرع مصر لجمعية اتحاد الكنائس وانشاء اقسام مصرية لجمعية امجاد الشبان المسيحية".

اما المبشرون الامريكيون فقد ظهروا في مصر في عهد إسماعيل واخذوا يطوفون ارجاء البلاد للتبشير داعين الاقباط الارثوزكس إلى المذهب بالمذهب البروتستانتى. واستمالوا عائلتى وبصا وخياط الذين تحولوا من ارثوزكس إلى بروتستانت (١٠ فبراير ١٩٣٢ - مجلة الدنيا المصورة).

وقد كان للخديوى إسماعيل دورا كبيرا في تشجيع الارساليات ومدها بالمال والارض اللازمة لانشاء المؤسسات. ولما اطراد مقاومة مدارس المبشرين البروتستانت لانهم يتدخلون في السياسة ويثيرون الاضطرابات في البلاد منعته القنصليتين الانجليزية والامريكية وايدتا المبشرين وحملتا الحكومة المصرية على التقيد بالدستور العثمانى الذي ينص على احترام الحرية الدينية.

وقد اتسع نطاق التبشير بعد الاحتلال البريطانى وبلغ درجة بالغة الخطورة حتى ان عبد الله النديم هاجمه في مجلة الاستاذ ١٨٩٣ ونشر فصلا من كتاب مبشر يدعى (بوحنا هورى) الالمانى سماه (الإسلام وتاثيره على تابعه) قال فيه: حيث ان الدين الإسلامي دين غير صحيح وانه لا تاثير له في حياة تابعيه الدينية ولا في تقدمهم في العلوم، حينئذ يلزمنا ان نضع الدين النصرانى محله".

وقال عبد الله ندم انه لو ان أي: مسلم كتب مثل هذا التعصب لقامت عليه قيامة اوربا وقالوا: هذا دعاء للحرب الدينية وتعرض للدين المسيحى وسحبوا قناصلهم ونادوا بين اتباعهم المعتمدون في الشرق بالرحيل بدعوة فقدان الامن العام وتوحش المسلمين، فنحن نسال من

<<  <   >  >>