?
والعراق والجزائر ولاسيما مراكش. وقد عقد مؤتمر للمرأة في دمشق واحتججن كلهن على الحجاب احتجاجات شديدة ولكن لم تكن منهن من تجرأت فرفعت زاوية من خمارها".
ولاشك أن ما أورد الأب لامنس في تقريره بعيد في كثير من تفاصيله عن الحقائق الواقعة، والواقع أن الإسلام قد استطاع أن يلائم بينه وبين الحضارة في مختلف فروع الحياة.
ودعا الأب "لامنس" المسلمين أن ينهجوا نهج تركيا في السير مع التيار العصرى واتخاذ المؤسسات الغربية بكاملها كما فعلت "بقصد محاربة أوربا بسلاحها نفسه" وأشار إلى أن الإسلام لا يمكنه الاستمرار في عزلته والا كان عرضة للصدمة فالسقوط.
والواقع أن الإسلام لم يعتزل الحياة مطلقا وأنه كان قادرا دائما على الالتقاء بالحضارة والتجاوب معها. وأنه حاول دائما أن يلائم بين عقائده وقيمه وبين الحضارة الغربية وأنه رفض أن يقبل منها ما يتعارض مع هذه القيم والعقائد.
وقد أعرب الأب لامنس بأن عدد المسلمين في ازدياد متصل وأنهم زادوا ٢٠ مليونا في أربع سنوات (١٩٣٠) وأن سكان الجزائر زادوا في مائة سنة خمس أضعاف منذ كانوا مليونا فأصبحوا خمسة ملايين وعزى زيادة عدد المسلمين من أنهم يقومون بنشر الدعاية لدينهم فيستميلون بعض جيرانهم من الزنوج في أفريقية وأبناء اللفوف السفلى في الهند. وأنهم في سبيل نشر الدعاية الإسلامية أسسوا مدارس خاصة يربى فيها المرسلون ويدرسون اللاهوت وطرق التمارين الجدلية والمناظرات الدينية وأن أشد هذه المدارس نشاطا مدرسة الشيعيين في لكنهو بالهند ومدارس الأحمدية في قاديان ولاهور بالهند ومدرسة دار الدعوة في مصر.
(٣)
أما السر ريتشارد وود قنصل في انجلترا في تونس فقد رفع عام ١٨٧٨ تقريرا إلى وزير خارجية بريطانيا بعد دراسة شاملة للإسلام والمسلمين خلال فترة عمله لدولته في دمشق وتونس رد فيه على جميع ما وجه الغرب من اتهامات للإسلام وتصدى لدفع الاتهامات الخاصة: بمعاملة أهل الذمة من المسيحيين ورفضهم للأخذ بأسباب الحضارة.
***
[معاملة أهل الذمة]
قال: من أوهام الناس أن الإسلام يمنع مساواة أهل الذمة بالمسلمين فيما لهم وما عليهم وينبو عن الأخذ بأسباب التقدم والحضارة لأنه لا يجيز انتشار المعارف والتحلى بالعلوم.
ورد هذه الأوهام الباطلة، وأكد أن الإسلام يرى أن الأخذ بأسباب التقدم لا ينافى أصول الشرع، وأورد الأدلة على أن الإسلام يرى أن لأهل الذمة ما للمسلمين وعليهم ما عليهم "اذا ثبت أن غايتهم الوطنية موافقة لغاية المسلمين وأنهم مثلهم في ايثار مصلحة الوطن والخير العام، وأن الإسلام يجيز استشارة أهل الذمة فيما يتعلق بالنظامات الدنيوية ولا يمنع استخدام النصارى واليهود واستند في ذلك على أقوال الماوردى في كتابه (أدب الدنيا والدين) وأشار إلى أن المتأخرين من سلاطين الإسلام استأثروا بالسلطة واستبدوا بالتصرف فخرجوا عن منهج الشرع الإسلامي حتى توهم الأغبار أن سبب هذا الخلل هو ضيق نطاق الشرع الإسلامي وأنه لا يضمن لغير المسلمين حقوقهم".
وأكد أن الواقع يخالف هذا، لأن الإسلام يحتم على الملك وسائر الحكام أن يفعلوا كل ما يدعو إلى حسن توزيع العدل والانصاف في الحكم والتجرد من شوائب الأغراض والحظوظ الشخصية.
***
[الإسلام والمدنية]
٢ - وعرض ريتشارد وود للزعم الغربي الذي يزعمه مؤلفو الأفرنج من أن المسلمين لا يتسنى لهم التقدم والارتقاء في معاريج الحضارة ماداموا مقيدين بنصوص القرآن التي يقولون أنها لا تلائم المعارف واكتساب الفنون .. وقال أن هذا وهم نشأ عن الجهل بمقاصد القرآن. ويكفى برهانا على بطلانه تاريخ صدر الإسلام وعناية علماء العرب بالمعارف والفنون ودرسهم كتب الحكماء الأقدمين مثل أرسطو وأبقراط وأقليدس وبطليموس.