للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حملة الإلحاد]

ركز الاستعمار حملة ضخمة من الغزو الثقافي على "الدين" في الوطن العربي. هدفها مهاجمة جميع الأديان وزعزعة العقائد وخلق تيار عميق المجرى من "الإلحاد"، وكانت أوربا قد واجهت معركة ضخمة بين الإلحاد والدين في القرن السادس عشر حين وقف رجال الكنيسة أمام النهضة محاولين مقاومة كشوفها واتهام أعلامها بالكفر والإلحاد، وقد نشأ الإلحاد نتيجة لهذا الصراع الذي استعمل فيه رجال الدين سلطانهم فأسرفوا في البطش بخصومهم عن طريق محاكم التفتيش ثم انتصر العلم وأعلن رفضه للدين عامة ومهاجمته، وساعده على ذلك ظهور المذاهب المادية المنكرة لوجود الخالق والأديان والكتب المقدسة والأنبياء.

وقد حرمت علوم الطبيعة والفلسفة والكيمياء والجغرافيا والفلسفة أن تنقض الدين وتناقضه في كل قضاياها.

وبلغ الإلحاد غايته في منتصف القرن التاسع عشر ثم عاد ينحدر مرة أخرى بعد أن أثبتت الكشوف وجود الروح وعادت الفطرة الانسانية إلى خطها الأساسي، وقد نقل الاستعمار ميدان المعركة إلى العالم الإسلامي في حملة الغزو الثقافي ومن المسيحية إلى الإسلام مع الفارق البعيد بينهما.

فالإسلام لم يقاوم الحضارة ولم يعارضها كما عارضها الاكليروس بل التقى بها دائما، ولم يتعارض الإسلام مع العلم كما تعارضت المسيحية.

ولذلك فان حملة الإلحاد قد حاولت أن تتخذ حججا أخرى لتعميق مجرى الإلحاد في العالم الإسلامي.

وكانت حملة الإلحاد التي حمل لواءها دعاة التغريب في بلادنا هو أن الدين يقيم حياتنا على أساس من التواكل وأن المتدين يبدأ بحثه من الوجوه المتجلية حوله، لينتهى للخالق ومنه للطبيعة بينما الغربي يبدأ من العالم المتطور لينتهى بعالم الغيب، هذا التباين في مفزع التفكير ذهب بالمتدينين إلى الاعتقاد بأن العالم حادث، أن الخالق مطلق التصرف في الكون منفصل عنه ومدير له. وأنه السبب لكل ما يحدث والعلة الأولى والأخيرة لكل ما يكون وما سيكون.

وأن الفرد المتدين في الشرق خاضع لارادة عليا هى ارادة الخالق الحرة، يقضى فيكون ويقدر فيحدث، أما الغربي الملحد فانه يتبع في تصرفاته وسلوكه قواميس الحياة ويخضع لها.

وأن المتدين يستسلم للغيب استسلاما محضا، بينما في الغرب يناضل الملحد قوى الغيب (إسماعيل أدهم - (الرسالة) سبتمبر ١٩٣٨) وحمل دعاة الإلحاد لواء الدعوة إلى القول بأن الإسلام هو سبب تأخر الشرق، وأن الذين يضع القيود ضد الحريات في الأدب والأخلاق ولذلك يتأخر الفن والأدب في ظل الدين وأباح دعاة الإلحاد نقد القرآن والنظر في آياته وتبين ما فيها من فروق وصفوها بالقوة والضعف.

***

[الأديان الجديدة: البابية والبهائية والقادياتية]

وقد حارب الغرب الإسلام بالدعوة إلى أديان جديدة كالبابية والبهائية والقادياتية، ولاشك أن ظهور الدعوات الجديدة التي تحمل أسماء الأديان والتركيز عليها واهتمام الصحف والمجلات بالدعوة لها واذاعة مبادئها والحديث عنها انما كان عملا واضح الدلالة والأثر في حرب الإسلام ومحاولة القضاء عليه وقد أكد ذلك الدكتور تشارلس أدمس حين قال أن "البابية" كانت وسيلة للانتقال من الإسلام للنصرانية.

وقد حرص دعاة التغريب على حمل لواء الدعوة إلى هذه الأديان وداومت الهلال والمقتطف والمجلة الجديدة والعصور والأهرام والمقطم نشر أبحاث مطولة عن البابية والبهائية.

وقد كان موت زعيم البهائية: عباس عبد البهاء (نوفمبر ١٩٢١) مناسبة لحملة طويلة عريضة، فقد

<<  <   >  >>