(يونية ١٩٠٦) شهرين كاملين في صحف مصر وأوربا وأهمها الفيجارو الفرنسية، وظل هجومة على الاستعمار البريطانى وممثلة كرومر في مصر مستمرا لم يتوقف.
وحملت (اللواء) الدعوة إلى الجلاء والحرية والدستور وكانت دعوتها حماسية صادقة الايمان بدورها في التعبئة الوطنية، حتى أنها انفصلت عن الخديو عندما غير اتجاهه، وهاجمت فرنسا بعد عقدها الاتفاق الودى (وكانت تعتمد عليهما من قبل).
وقد أعلن مصطفى كامل في اللواء (٣ يناير ١٩٠٠) أن هدفه هو " خدمة الوطن والإسلام بأشرف السبل وأنفعها والسعى وراء الاتحاد والاتفاق بين المصريين وبعضهم من جهة أخرى. والعمل لتربية أبناء مصر أحسن تربية وطنية وترقية التجارة والصناعة".
كما دعت الصحف الوطنية الشعبية إلى تعليم الشعب وانشاء الجمعيات التعاونية.
× وكان للصحافة العربية دورها في مجال الحرية والدستور ففى مصر بعد صدور الدستور العثمانى (يولية ١٩٠٨) انطلقت الصيحة بالدعوة إلى انشاء حكومة نيابية في مصر واضطر مجلس شورى القوانين (ديسمبر ١٩٠٨) أن يطلب من الحكومة وضع مشروع قانون يمنح الأمة حق الاشتراك الفعلى مع الحركة في ادارة أمورها الداخلية.
وحمل عبد العزيز شاويش على سياسة دنلوب في وزارة المعارف والحكم الانجليزى في السودان. وهاجم رئيس محكمة دنشواى وهو رئيس الوزراء.
وكان موقف الصحافة من مشروع امتياز قناة السويس من أبرز مواقف المقاومة، فقد هاجم محمد فريد المشروع في جريدة اللواء في (أكتوبر ١٩٠٩) هجوما مدعما بالأسانيد والحجج، وظل يواصل حملته حتى أبريل ١٩١٠. ونقل الفكرة من عمل اقتصادى إلى عمل سياسى، يتصل بكرامة الوطن، وحريقه، وكان لهذه الحملة أثرها اذ عجز مجلس شورى القوانين عن الحصول على موافقة أكمل تنفيذ المشروع بالرغم من مرافعة (سعد زغلول) لصالح المشروع.
× وفي تونس نهض التونسيون يطلبون الشورى بدلا من الحكم الفردى الاستبدادى، وكان للصحافة دورها في مؤازرة هذه النهضة. وقام محمد بيرم الخامس
بحمل لواء الدعوة إلى الدستور والشورى بمؤازرة خير الدين باشا الوزير التونسى.
× وكانت مجلة ثمرات الفنون في بيروت (١٨٧٥ - ١٩٠٨) من أبرز الصحف التي حملت لواء الدعوة إلى الحرية وقد واجهت مساجلات جريدة من الجوائب التي كانت تؤيد السلطان ومجلة البشير اليسوعى.
× وعبد الرحمن الكواكبى بصحيفتى: الشهباء ١٨٧٧، والاعتدال ١٨٧٩ يمثل هذا الاتجاه الوطنى الحر، وقد لقى المعارضة والسجن والنفى والمحكمة مما اضطره إلى الهجرة إلى مصر واعلان آرائه في الاستبداد، والدعوة إلى الجامعة الإسلامية بها.
× وكان عبد الله نديم من رجال هذا الاتجاه، بصحيفة الطائف التي هاجمت الاستعمار البريطانى قبل الثورة العرابية وخلالها، ومجلة الاستاذ في خلال حكم اللورد كرومر.
***
[(التيار الثانى)]
وكان التيار الثانى الموالى للحكام أو للاستعمار، أقوى ماديا فقد حصل على اعتمادات مالية ضخمة آزرته كما سمحت له الحكومات بموالاة الظهور حين ضيقت على الجانب الآخر وقصفت أقلاسه، وعطلت صحفه. وكان المقطم في مصر أهم هذه الصحف. فقد رأى الاستعمار مقاومة الصحافة بالصحافة فأصدر المقطم (١٨٨٩) صحفية يومية سياسية تجارية وذكرت "بلنت" في مذكراته أن وزارتى الحربية والداخلية دفعتا لصحافة المقطم مبلغا عظيما من المال لتدافع عن تصرفات الانجليز فىها وقد عجز الخديو ازاء حملات المقطم أن يقدمها للمحاكمة.
واتيح للمقطم أن تحمل على أهم الأخبار وتنفرد بها، بينما حرمت منها الصحف الأخرى حتى أنها استطاعت أن تنشر بعض الأحكام القضائية قبل النطق بها بعدة أيام. وقد صاغت عقود المديح الاحتلال وتصرفاته. وقاومت خصومه وحملت عالمى الخلافة والسلطة العثمانية.
ولما صدرت المؤيد، اندلعت بينهما خصومات ومساجلات فأتهمت المقطم جريدة المؤيد بالتعصب. واتهمت صاحب المؤيد بالجهل وانضمت الصحف الأجنبية إلى المقطم ضد المؤيد. ووصف المقطم كتابات على يوسف بأنها تعرض حياة الأوربيين للخطر.