[النظرية الفينيقية (لبنان)]
وتعد مؤامرة فصل لبنان عن الوحدة العربية من أهم أحداث حركة "التجزئة" التي قام بها الاستعمار عن طريق الغزو الفكرى. فقد قامت هذه الحركة على أساسين.
(١) خلق دعوة فكرية تعتمد على عزل لبنان، واعتباره قطرا مستقلا له حضارة تتصل بالغرب والبحر الأبيض المتوسط.
(٢) خلق قوى حزبية كتائبية تعتمد على الارهاب والقتل. تحمل لواء هذه الاتجاه ولا تتورع عن اغتيال أحرار الفكر الذين يقفون في وجه الاستعمار.
ولحملة التجزئة في لبنان تاريخ قديم منذ بدأ صراع الاستعمار حول تقسيم العالم العربي والسيطرة عليه. ووقوع لبنان بين نفوذ فرنسا وبريطانيا ومؤامراتهما، هذه المؤامرات التي أدت إلى خلق النزاع والصراع بين الدروز والموارنة وهما عنصرى لبنان، وقد امتدت هذه المؤامرة حتى حققت أزمة دموية عام ١٨٦٠ كان لها أثرها في دعم النفوذ الأجنبى وتأكيد سلطان فرنسا وارتباط المارونيين بها وقيام وضع (التجزئة) في لبنان، وهو ما أطلق عليه "الوضع الخاص للبنان تكملة الدول الغربية الستة" وقد أعطى السلطان، لهذه الدول عهدا بأن يكون للبنان وضع إدارى وسياسى خاص ولا تزيد علاقته بتركيا عن العلاقة الاسمية، فقد كان يرشح لبنان حاكميه ويعرض أسماءهم على سفراء الدول التي تحمى استقلال لبنان فيختار السفراء واحدا منهم ويصدر السلطان الفرمان الخاص به.
كان من حق لبنان الا يدفع أى ضرائب للاستانة أو يجند رجاله أو تمر القوات التركية ببلاده إلا بإذن، ولقد استغلت فرنسا هذا الموقف استغلالا كان بعيد المدى في مفاهيم أهل لبنان وتفكيرهم ومحاولة عزلهم عن الفكر العربي والوحدة العربية. فأحيت تاريخا قديما ارتبط بتصريحات لويس التاسع إلى بطريك لبنان التي حاول أن يربط بين لبنان وفرنسا وفي هذا قوله "نحن على يقين من أن هذه الأمة التي وجدناها قائمة تحت اسم القديس مارون انما هى قسم من الأمة الفرنسية، لأن اخلاصها للفرنساويين بعضهم لبعض".
وقد ضمن لويس رسالته "٢١ مايو ١٢٥٠" تعهدا بأن تحمى فرنس لبنان" أما نحن وكل الذين يخلفوننا على عرش فرنسا فتتعهد بأن توليكم وشعبكم نفس الحماية التي لفرنسا وبين أنفسهم وأن تعمل على الدوام كل ما هو ضرورى لسعادتكم" وقد ارتبط هذا بموقف المارونية من الحروب الصليبية حيث أمد الموارنة الصليبيين بثلاثين ألف نبال وإذا كان لهذا الخطاب معنى حقيقي في مفهومنا اليوم قائما هو اخفاء مطامع فرنسا تحت اسم الطائفية وحماية المارونية.
ثم أعلن لويس الرابع عشر (٢٨ أبريل ١٦٤٩) الحماية الفرنسية على الطائكية المارونية.
وعمل الغزو الثقافي الغربي في حملة التجزئة الضخمة على لبنان في محاولة تصوير لبنان بصورة القطر الذي ليس عربيا وليس لاتينيا أوربيا وانما هو جسر وممر، وأنه مكون من طائفتين من المسلمين والمسيحين. وأن كل طائفة منهما تضم طوائف فالمسيحية تضم الموارنة والأرثوذكس والكاثوليك والإسلامية تضم: السنة والشيعة والدروز.
وادعت فرنسا أن الشعب العلوى هو بقية الصليبيين وأن الدين العلوى جزء من الديانة المسيحية وأن اللبنانيين من أصل فرنسي.
وأثارت فرنسا دعوى فينيقية لبنان وذلك في محاولة عزلها عن الجماعة العربية.
وقد تبين من بعد أن "الفينيقية" هي موجة عربية صدرت من جزيرة العرب كالفرعونية تماما.
وقد حملت البعثات التبشيرية والمراسلين الأمريكان والفرنسيين لواء هذه الدعوة لهدفين واضحين: (أولهما) التفريق بين جزئي لبنان: المارون والدروز (أو المسيحيين والمسلمين) على نفس النحو الذي اتخذته فرنسا فى