للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى الربع الأول من القرن التاسع عشر في صورة المرسلين الأمريكان الذين وصلوا إلى بيروت بزعامة غالى سميت عام ١٨٢٧ ثم بوصول فان ديك ١٨٤٠ ودانيال بليس مؤسس الجامعة الأمريكية ١٨٥٦،

وبدأ نشاط اليسوعيين (العازاريين) بانشاء اول مدرسة في عنبطورة ١٨٣٤ وأسس الانجليون الأمريكان أول مدرسة في عبيه ١٨٤٦، وقد تم انشاء الجامعة اليسوعية والجامعة الأمريكية، كما وفدت جماعة المرسلين الأمريكية الانجليين إلى مصر ١٨٥٥ حيث أنشأت كلية أسيوط ثم الكلية الأمريكية بالقاهرة (وقد وردت ارساليات لدول عربية متعددة وكانت كل دولة تحتضن مذهبا من مذاهب المسيحية، فالكاثوليكية في حماية فرنسا، والأرثوزكية في حماية روسيا، والبروتستاتية في حماية بريطانيا (انجلترا) وقد استهدف التبشير تحقيق غاياته الاستعمارية عن طريق التعليم وهو تنشئة جيل يدين بالولاء للدولة التي تتبعها المدرسة أو الجامعة فضلا عن الولاء للثقافة الغربية نفسها والاستعمار والاستهانة بالقومية والدين واللغة).

وقد عدت الجامعة الأمريكية في بيروت مركزا هاما من مراكز الغزو الثقافي في الشرق الأوسط كله واستهدفت منذ اليوم الأول تعليم الدين المسيحى والمذهب البروتستانتى، وصرح المستر بنروز احد عمداء الجامعة: أن الغاية الأولى من تأسيس الجامعة لم يكن تعليم العلم وانما نشر المذهب البروتستانتى.

وقد كان جميع رؤساء الجامعة الأمريكية ومدرسوها مبشرون على أساس أنها مدرسة بروتستانتية ولذلك فهى تجبر الطلبة على حضور الصلوات.

وقد أسفرت الجامعة الأمريكية- وأن توارى اتجاهها الآن قليلا- كل دروسها في سبيل تأويل مسيحى لفروع العلم كالتتاريخ وعلم النبات. وقد أعانت الكلية في كل مناسبة أعرض فيها الطلبة المسلمون الذين تضمهم من الشام والعراق ومصر والسودان عن اجبارية دخول الكنيسة: انها كلية مسيحية أسست بأموال شعب مسيحى وأنهم قد عملوا لايجاد تعليم يكون الانجيل من مواده ولذلك لابد ان تعرض منافع الدين المسيحى على كل تلميذ.

***

[التبشير والاستعمار]

وقد صرح بنروز رئيس الجامعة الأمريكية (١٩٤٨) عن هدف التبشير من التعليم فقال: لقد برهن التعليم على انه أثمن وسائل التنصير.

ولذلك كان الهدف الأمريكى من التبشير هدفا دينيا أساسا، ولكنه تحول إلى هدف سياسى بعد أن بدأت أمريكا تتدخل في سياسة العالم العربي وخاصة موقفها من اسرائيل بعد أن خلقتها وأمدتها بالحياة وقد استهدفت هذه الدعوة:

(١) التشكيك في الإسلام.

(٢) القضاء على اللغة العربية وتغليب اللهجات العامية.

(٣) كتابة هذه العلوم بالحروف اللاتينية.

أما هدف المبشرين الفرنسيين (ومركزهم الجامعة اليسوعية في بيروت) فهو خلق صداقة روحية مع فرنسا .. فالاستعمار في المؤسسات الفرنسية يستهدف خلق روابط ثقافية وسياسية مع فرنسا، على أساس البرنامج الفرنسي الذي وضع عام ١٨٦٤ وهو "معرفة فرنسا ومحبتها" وقد أعطى الاحتلال الفرنسي ببيروت فرصة كبيرة في سبيل دعم هذا الموقف.

ولا شك أن تعدد جهات التعليم في الوطن العربي كانت في ح ذاتها هدفا استعماريا وغزوا ثقافيا وتعزيزا التغريب وذلك بتمزيق وحدة الفكر العربي الإسلامي عن طريق تمزيق تيارات التعليم في التبعية لفرنسا أو لبريطانيا أو لأمريكا مما يؤدى إلى القضاء على الوحدة الفكرية، وهكذا سيطرت هذه المعاهد التغريبية المسيحية النزعة على الشباب المثقف الذي اصبح بعد من قادة بلاده، وذلك بانشاء فلسفة متسامحة مع الاستعمار، محرومة من روح الجهاد والحرية التي يدعو اليها الإسلام.

***

[أهداف التبشير]

وقد لخص كثير من الباحثين أهداف التبشير في أنه العمل لسيطرة الاستعمار سياسيا واقتصاديا وذلك بالقضاء على اللغات والأديان غير النصرانية والتاريخ

<<  <   >  >>