للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٦) حظرت على الفقراء ومعلمى اللغة الفرنسية الانتقال إلى مناطق البربر وتعليم القرآن بها.

وقد أشار (م لوكينز) إلى هذه السياسة فقال

"ان سياسة الحماية تجلت في ميدان التعليم في شكل حرب منظمة ضد الثقافة الوطنية وفي شكل تنظيم تعليم عصرى يرمى قبل كل شئ إلى تكوين موظفين فرنسيين في الميدانين الادارى والفنى وأعوان مغاربة ثانويين".

وقد أشار ساطع الحصرى إلى هذه الخطة (الرسالة م ٤ ص ٢٥١) فقال "ذهبوا إلى انه يجب أن يرافق الفتح السياسى فتح معنوى بحيث يتقرب اهالى المستعمرات من المستعمرين وان يندمجوا فيهم اندماجا وذلك ينشر لغة المستعمر وتعليم اهالى المستعمرات تعليما ينشئ في نفوسهم حب المستعمر. وقد جعل الفرنسيون اللغة الفرنسية محورا لكل درس في مناهجهم مع مادة ترمى إلى تحبيب الأهلين في الفرنسيين وما يترتب على أهل الجزائر نحو فرنسا مقابل الحماية التي تسديها اليهم والعدل الذي أدخلته إلى بلادهم ونعمة التعلم والحضارة. وقال ساطع الحصرى أن هذه السياسة لم تنجح وأتت بالنقيض ولذلك تحولوا منها إلى التعليم بغير تثقيف" على نحو ضيق جدا يجعلهم آلات صماء في أيدى الاستعمار دون أن يدخل التعليم أي: عنصر من عناصر الثقافة العامة.

وقد أشار علال الفاسى (المغرب) إلى ذلك فقال: ان سياسة التعليم التي فرضها الاستعمار الفرنسي كانت تهدف إلى محاربة اللغة العربية والاستضافة عنها باللغة الفرنسية. وقد سلطت الحماية حربها على المنظمات الثقافية المغربية فأقفلت عددا كبيرا، وصبت عدائها المستمر على (جامعة القرويين - والمغرب) وفروعها في مراكش ومكناس والرباط وطنجة ووجده. وعقم التعليم الرسمى وضعفت نسبته، واصبحت نسبة التعلم في عهد الاستعمار الفرنسي: ٥/ ٢ في المائة (تونس) ٢ في المائة (الجزائر) ٣٥/ في المائة مراكش هذا بالاضافة إلى نشر الدعايات التبشيرية والمحاولات لنشر المسيحية ونشر أساليب ملتوية لاستدراج المثقفين إلى المسيحية فضلا عن الاضطهاد الدينى في المساجد والمعابد والأوقاف الإسلامية.

وجاء في تقرير رسمى فرنسي (ساطع الحصرى ص ٤٧١ حولية التعليم جـ ٢) أن ايالة (الجزائر) لن تصبح مملكة فرنسية الا عندما تصبح لغتنا (الفرنسية) هناك قومية. والعمل الجبار الذي يترتب علينا انجازه هو السعى وراء نشر الثقافة الفرنسية بين الأهالى بالتدريج إلى ان تقوم مقام اللغة العربية الدارجة بينهم الآن.

وفي تونس: أنشأ الفرنسيون (١٨٨٣) مدارس ابتدائية فرنسية للأوربيين والعرب ليس بها لغة عربية وذلك لمحاولة تنشئة الأطفال تنشئة فرنسية صرفة).

وقد قاوم الشعب العربي في تونس والجزائر والمغرب هذا التيار وأسس مدارس حره من ماله الخاص .. غير أن السلطات الفرنسية قاومت هذه المدارس ولم تسمح الا بعدد ضئيل منها، ولعل أعظم عمل تم في هذا المجال هو ما قام به العلامة الشهيد: عبد الحميد بن باديس وزميليه في الكفاح "البشير الإبراهيمى" والطيب العقبى في الجزائر حيث أسسوا ثلاثمائة مدرسة في المساجد لحماية اللغة العربية.

وجملة القول أن العرب استطاعوا في ميدان التعليم أن يواجهوا حملة لاتحدى بحملة رد الفعل، وأن جميع البرامج التي وضعت لصبغ العرب باللون الفرنسي أو الانجليزى قد فشلت، حتى أولئك الذين تلقوا الدراسات في فرنسا وبريطانيا عاد منهم كثيرون وقد تحرروا من سلطان التغريب وعملوا على خلق فكر عربي حر قائم على الأسس العربية والإسلامية والأمجاد والقيم العربية الأصلية وتحطمت نظرية الغرب في القضاء على الشخصية العربية وأن استطاعوا تمييعها إلى حد ما. وقد مضت الشخصية العربية تقاوم وتعمل في سبيل التماسك.

***

[نقص المناهج التعليمية]

وبالجملة فان ما أبعده الاستعمار من المناهج التعليمية هو: الدين والتاريخ واللغة العربية وكانت نظرية "ديوى" هى أساس المناهج ونقطة الالتقاء مع التغريب.

***

[نظرية ديوى]

أبرز مظاهر مذهب ديوى في التربية هو ابعاد الدين عن مجال التربية وكان هدفه هو ابعاد المسيحية عن برامج التعلم الغربى، وقد قصف الاستعمار إلى فرض

<<  <   >  >>