للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٣ - القبعة]

وقد جرت الدعوة إلى القبعة كلباس صالح صحى بدلا من الطربوش يحبس الدم وتنجم عنه أضرار الصلع، وأنه ليس هناك ما ينص في الدين على تحريم القبعة أو اشتراط أى لباس آخر.

وقد تصدت الرابطة الشرقية والجمعية الطبية المصرية لبحث الأمر من الوجهة الطبية والدينية، وذكر بأن الجمهورية التركية لم تتخذ القبعة لسبب صحى بل لسبب اجتماعى، هو اختيار اللباس الأوربى وأفتت الرابطة والجمعية الطبية بأن أفضل لباس للرأس يوافق مصر في زمن الصيف هو (القلنسوة البيضاء) المصنوعة من الفلين.

وقال الدكتور محجوب ثابت في حديث له مع محب الدين الخطيب (١٤ أغسطس ١٩٢٦) أن الطربوش صحيا خير من القبعة. وذكر أنه لا يدافع عن الطربوش لذاته وقال: أما أن القبعة لباس المتمدنيين فالتمدين ليس بالبرنيطة ولكن بالمعارف العلمية التي جعلت لابس القبعة يصل إلى هذه المكانة في الدنيا، هذه المكانة التي وصل اليها بعلوم القوة والثروة والعمران. وقال أن البرنيطة شعار أمم تحاول استلاب استقلالنا والاستيلاء على ديارنا واحتقارنا في أوطاننا وتاريخنا. وذكر أن الكماليين سجنوا من أجل القبعة من سجنوا وشردوا من شردوا.

وقال "متطربش" معلقا: تبرنطوا اذا شئتموا واذا أردتم وتطربشوا اذا حلا لكم. ولكن لا تنسوا أن الدين والوطنية والأخلاق والقومية ليست في الثياب بل في الألباب، ولا في الدثار بل الأفكار ولا في شكل الملبوس بل في العقول التي في الرءوس.

وأجمع كثير من الباحثين على أنه مسألة الخروج من العمامة إلى الطربوش ومن اللطربوش إلى القبعة انما هى تقليد للغرب، لا يقصد به منفعة واضحة أو غاية معلومة. وجرى ذكر ما قال سعد زغلول في معارضته لنبذ الطربوش

"مثل الذين يتبرأون من أنسابهم" وقال العقاد "أن من سقوط الهمة أن ييتوارى الانسان وراء القبعة خجلا من جنسه".

وقالت جريدة مانشيستر جارديان: أنه بينما العرب والترك يستعبدون للأزياء الغربية بأبشع أشكالها وأبعدها عن جمال الخيال والتصور يتحول الغربيون إلى التنويع والتزويق.

وقد حققت هذه الحملة تحول كثير من طلبة دار العلوم والقضاء الشرعى من العمامة إلى الطربوش ومنع الأزهر التغيير.

وصدرت في مصر فتوى رسمية (٢٥/ ٣/١٩٢٦) بأن المذاهب الأربعة المعمول بها مجمعة على تحريم لبس القبعة عند عدم الميل إلى دين أصحابها وعدم قصد الاستخفاف بدين الإسلام. وأ، في تغيير الزى القومى فناء للخصية وذلك شأن الضعيف- وردت الفتوى على ما قيل من أن الزى الغربي يدفع احتقار الغربيين وقالت "أن الزى لا يدفع احتقارا ولا يرد عارا مع فساد الخلق وتأخر العلم وعدم النهوض بالصنائع والأعمال الاقتصادية والأخلاقية".

ولم تلبث أن وقعت حادثة الطربوش في تركيا بين وزير مصر المفوض ومصطفى كمال أتاتورك حيث أشار رئيس الجمهورية التركية إلى الوزير المصري برفع طربوشه في حفل رسمى.

وقد امتدت معركة الطربوش إلى سوريا فكتبت جريدة النهار البيروتية (١٢/ ٩/١٩٣٣) بأن الطربوش نمساوى، وليس عربيا وأنه يذهب ثروة البلاد، وأن دمشق تستورد مائتى ألف طربوش كل عام وتدفع ربع مليون ليرة عثمانية على أقل تقدير. وقالت: (اذا فرضنا أن الطربوش كان منتشرا منذ مئتى سنة فأننا نجد أن دمشق دفعت للنمسا ثمن طرابيش خمسين مليون ليرة عثمانية) وذكرت أنه يجرى البحث عن غطاء آخر للرأس وهل القبعة الأفرنجية؟ أما الكوفية اليدوية. أم العمامة أم السدارة العراقية وقالت أن فكرة اعدام الطربوش ليست فكرة حديثة فقد أحرق في العام الفائت واستعيض عنه بالسدارة العراقية.

وفي العراق لبس الملك فيصل السدارة اعلانا لتحرر بلاده والابتعاد عن زى الترك. وانتشرت السدارة الوطنية في العراق

كما جرى عام ١٩٢٦ فرض السترة والبنطلون على سائقى السيارات.

وأثيرت مسألة الطربوش والقبعة مرة أخرى في مصر بعد توقيع معاهدة ١٩٢٦ وجرى التفكير في توحيد

<<  <   >  >>