[فى المغرب]
وفى المغرب سيطر الفرنسيون على الثقافة وحاربوا الفكر العربي الإسلامي وقال هانوتو ١٨٩٧ لقد فصلنا بين شمال أفريقيا والتاريخ العربي، وقد قام المارشال ليوتى بالدور الذي قام به كرومر ودنلوب في مصر حيث فصل بين البربر والعرب، وأوقف اللغة العربية والثقافية العربية وحصرها في المساجد، وقالت الأهرام (١٦/ ١/١٩٣٢) أن المارشال ليوتى الفرنسي خدم بلاده جليلة في بلاد الإسلام وعرف طريقة استمالة السلمين إلى فرنسا.
***
[فى لبنان]
أما في لبنان فقد أكد الفرنسيون في اكثر من مناسبة انها معقل لغتهم وثقافتهم- كما قالت جريدة الطان (يونيو ١٩٣٧) وانه "اذا كانت اللغة الفرنسية باقية في العالم العربي-ماعدا فلسطين-كلغة من الدرجة الثانية بالنسبة للغة العربية مع محافظتها على سيادتها في التجارة والعلاقات الاجتماعية فان الفضل في ذلك يرجع إلى المرسلون العثمانيون والدينيون والمدارس المسيحية والأباء اليسوعيين والارساليات العثمانية والاتحاد الفرنسي والاتحاد الاسرائيلي العام.
وقالت الطان "ولا يزال الاعلام الفرنسيون الذن هاجروا من وطنهم إلى الربوع الشرقية لنشر ثقافتنا يقومون بعلمهم الخطير.
***
[الصراع بين الثقافتين الفرنسية والانجليزية]
غير ان الثقافة الفرنسية لم تنفرد بالسلطان الاوحد في الوطن العربي, فان الصراع بين الارساليات الفرنسية اليسوعية والكاثوليكية والأمريكية الانجيلية البروتستانت قد بدأت في لبنان منذ الثلاثينات من القرن التاسع عشر.
وقام الدكتور فانديك الامريكى بدور ضخم في هذا العمل وققد بدأت هذه الحركة بالقرى دون المدن. بدأها الفرنسيون من قرية (عينطورا) وبدأها الأمريكيين من مدرسة (عيبة) ثم عمت لبنان, وكان الدكتور "فنديك" يصور التنافس بين الأمريكيين والفرنسيين فقول أنا في طريقى إلى قرية كذا لأفتح مدرستين قاذا قيل له أنها لا تحتمل ذلك قال: سأنتح مدرسة وسيأتي اليسوعيين فيفتحون مدرسة أخرى, ثم نشأت الكلية الامريكية.
والكلية اليسوعية في بيروت غير أن هذا الصراع لم يكن في عنف الصراع الذي قلم بين الثقافتين واللغتين الفرنسية والانجليزية. ذلك لأن أمريكا لم تكن مشاركة في الاحتلال العسكرى لأقطار الدول العربية مثل فرنسا وبريطانيا, وانما كانت تعمل على السيطرة عن طريق الغزو الثقافي. وان الصراع بين الثقافة الفرنسية والانجليزية انما قام على أساس الصراع السياسي بين الدولتين في الشرق, ومحاولة بريطانيا احلال ثقافتها محل الثقافة الفرنسية في البلاد الواقعة تحت احتلالها وكان التيار الفكرى المهجرى تيارا امريكيا وكانت الهجرة إلى امريكا جزء من الاثر الثقافي الامريكى للفكر العربي.
لقد انفرد نفوذ بريطانيا الثقافي في العراق والسودان وفلسطين كما انفرد نفوذ فرنسا الثقافي في الغرب, أما مصر فقد وقع الصراع حيث أخذ البريطانيون في طرد الأساتذة الفرنسيين (ذوى النفوذ) من مدارس الحقوق والطب ووزارة المعارف وحلت اللغة الانجليزية بدل الفرنسية في معظم المواد. وتولى الأساتذة الانجليز مقال الادارة والتعليم في معظم العاهد, وتحولت البعثات الخارجية إلى انجلترا بدلا من فرنسا.
وفي ميدان الصحافة الثقافية حملت مجلة القتطف (التى صدرت في بيروت (١٨٧٦) وانتقلتالى القاهرة عام (١٨٨٥) لواء الثقافة حيث كان أصحابها الدكاترة: صروف ونمر ومكاريوس من خريجي الجامعة الأمريكية ثم حملت "المقطم" لواء الدعوة إلى الثقافة الانجازية وتأكيد مركز اللغة الانجليزية في مصر وحملت الترجمة لواء الغزو الثقافي وتأثرت بالصراع بين الثقافتين .. وكانت في أول الأمر في خدمة البعثات التبشيرية حيث ترجمت التوراه والانجيل. ثم تحولت إلى خدمة أغراض التغريب
وكان الأدب الفرنسي أثرا في العالم العربي لأن رواده ودعاته قد نقلوا إلى الادب العربي لونا معينا من الوانه هو أدب الاباحة والكشف والجنس, وقد لاحظ المستشرق "جب" ولاحظ "كرومر" من قبله أن الثقافة الفرنسية انما فاتت المصريين لأنها تحرص على نقل اتجاه معين من الادب الفرنسي لا الأدب الفرنسي في جملته وقال "جب" اننا اذا تصورنا الثمرة التي قد يؤدى إلى انتاجها التلقيح بهذه العناصر السلبية والمتشككة في الثقافة الفرنسية الحديثة فان المرأ لايسعه الا أن يشاطر المحافظين خوفهم من أن يكون التخريب هو كل ما نقضى به هذه الدراسات الأدبية.