للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العثمانيين روح الحرية. وقد أعلن المؤرخ برتوبك بأن الماسونية كانت هى المحرك الأول والمرشد الأكبر في تقويض الاستبداد العثمانى وخلع عبد الحميد.

***

[الصهيونية في أولى خطواتها]

وقد كان نداء ١٧٩٨ الذي وجهه يهودي فرنسي إلى اليهود للقيام بمعاونته في اعطاءهم (أورشليم) داعيا إلى تحقيق مشروع القدس واقامة مجلس ينتخبه اليهود المقيمون في ١٥ قطرا للاستيلاء على مصر والمنطقة الممتدة منها إلى عكا إلى البحر الميت إلى البحر الأحمر مؤكدا أن هذا المركز يجعل - اليهود وفرنسا - مسيطرين على سير الملاحة في البحر الأحمر قابضين على ناصة تجارة الهند وبلاد العرب. كان هذا النداء مقدمة للنداء الذي وجهه "نابليون" عام ١٧٩٩ لمعاونته في اعطاء اليهود "أورشليم" غير أن اليهود الذين كانوا حريصين على أن يتموا مشروعهم بأنفسهم قد تجاهلوا نابليون وقصدوا إلى عمل آخر حين اتصلوا بالسلطان عبد الحميد من ناحية ثم بمحمد على من ناحية أخرى، أما (السلطان عبد الحميد) فقد رفض العرض الذي يرمى إلى استثمار مليون فدان في السلط بفلسطين بالرغم من سخاء العرض الذي قدم له وهو فيما يروى بعض المؤرخين سبعة ملايين جنيها ذهبا. أما العرض السابق فيغلب أنه نجح حيث منح "محمد علي" امتيازا واسع المدى لموسى مونتو فيورى الثرى اليهودي الكبير لشراء مساحات كبيرة كانت هى أولى المناطق التي استولى عليها اليهود في فلسطين وبها أنشئت أول جمعية لاستثمار أراضى فلسطين عام ١٨٧٩.

وفي هذه الفترة كتب الدكتور تيودور هرتسل اليهودي النمساوى (١٨٩٥) كتابه الذي آثار ضجة وذيوعا (الوطن الاسرائيلي) والذى ترجم إلى الفرنسية والانجليزية والعبرانية والنمساوية، وقامت الفكرة فيه على أساس احتلال اليهود لفلسطين، وخلاصة آراء هرتسل أن أعداء الساميين آخذون في الازدياد ولا يستطيع اليهود مقاومتهم لتشتت شملهم في الأرض، لذلك لابد من قيام جمعية سياسية مالية تشرف على شركة يهودية اقتصادية رأس مالها (كذا) مليون جنيه ومركزها لندن للقيام بشراء أراض فلسطين التي يوجد بها هيكل سليمان على أساس أن الناس - أى اليهود - لا يساقون الا بمثل هذه الشعائر الدينية، ورسم مؤتمر بأن ١٨٩٧ خطة العمل: ايجاد وطن شرعى للشعب الاسرائيلى في فلسطين وذلك مع احياء الآداب العبرانية ونشرها وتعاليمها وبعثها بعد انطوائها أكثر من ألفى عام، وقد تحقق ذلك بانشاء الجامعة العبرية في القدس وبدأ التنقيب على الآثار اليهودية.

ومنذ ذلك التاريخ دخلت إلى الفكر العربي الإسلامي محاولات كثيرة لتسميم حقائق التاريخ والفكر وذلك بمحاولة ابراء تحريف التاريخ والتراث العربي حيث دس اليهود في مختلف المؤتمرات والمؤلفات والكتابات ما أطلقوا عليه حقهم الكاذب في فلسطين، وقد كان لهم من السلطان عن طريق فرنسا وبريطانيا ما مكنهم من التسلل إلى كتب التاريخ التي تدرس في المدارس والجامعات وعن طريق المستشرقين اليهود أو أصحاب الولاء للصهيونية الذين عملوا في مصر ولبنان وغيرها من دول العالم العربين كما امتد نفوذهم إلى الصحف العربية والمصرية بالذات وذلك ضمن خطة انشاء الصحف الكبرى في روسيا والنمسا وايطاليا وانجلترا والصين واليابان والباكستان وقد استغل اليهود الاضطهاد الذي واجههم في روسيا ابتداء من عام ١٨٨٣ وقضية ديفورس ١٨٦٧ التي تجلى فيها العداء لليهود على أشده، وبدأ ظهور النزعات القومية في أوروبا مما أداهم إلى الاندفاع في الخطة التي حققت في نهاية الحرب العالمية الأولى قيام وطن قومى لليهود في فلسطين بصدور وعد بلفور في ٢٠ نوفمبر ١٩١٨.

ويهمنا هنا أن نصور أثر الصهيونية في الفكر والثقافة حيث ظهر عشرات من أعلام الفلاسفة والكتاب الذين سلطت عليهم قوة اليهود المادية وسلطانهم في ميدان النشر والصحافة ومختلف الأضواء ومن هؤلاء سيبوتزا أكبر فلاسفة التاريخ اليهودي. وماكس نوردو الذي هاجم النظم البشرية: الدين والملكية والسياسة والذى تنبأ بالمدينة اليهودية المقبلة وقال: أرى أن مدينة اليوم القائمة على التشاؤم والكذب والأنانية ستبيد وتتبعها مدينة ترتكز على الحق والغيرية والتفاؤل حيث تصبح الانسانية حقيقة واضحة لا معنى خياليا، وكان من أعظم زعماء الصهيونية وعصد "هرتزل" عندما أسست الحركة الصهيونية وكان نائبا عنه في مؤتمر "بال" وهو الزعيم الأكبر لمفكرى الصهيونية.

"وفرويد" داعية علم النفس الذي حاول بمذهبه تحطيم القيم الروحية للبشرية و"رويتر" صاحب أضخم وكالة أنباء في العالم والذى سيطر ووجه أخبار العالم لحساب اليهود في مدى امتد أكثر من سبعين عاما.

<<  <   >  >>