للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

?

الخلاف هو أن الشيعة الاثنا عشرية يدعون العصمة لأمير المؤمنين "علي" وأحد عشر رجلا من سلالته (ان لم يدعها "علي" لنفسه أو واحد من بنيه) وقال الخطيب: أن النبى وحده هو المعصوم في هذه الأمة ولا معصوم فيها غيره وهو وحده مصدر التشريع وأصحاب رسول الله هم حملة شريعته وأمناؤها الذين أدوها إلى الأمناء بعدهم.

وأشار كثير من الباحثين بأن الخلاف بين السنة والشيعة ينصب على ثلاث مسائل: ١ - الرحمة ٢ - زواج المتعة ٣ - عصمة الأئمة (وأن هذه جميعها مسائل فرعية فمادام الاختلاف لا ينصب على أصول الدين ومبادئه الأساسية كالوحدانية والنبوة وفرضية الصلاة والزكاة والصوم والحج والتصديق بالميعاد والقبلة والقرآن فان خلاف ذلك يعد من المسائل الفرعية التي يضير الخلاف فيها).

***

[بين السنة والوهابية]

وقد استغل الاستعمار والغزو الثقافي والتغريب الخلاف بين أهل السنة والوهابيين، وكان هذا منذ وقت بعيد، عندما أغرت السلطة العثمانية محمد على بالوهابين في فجر دعوتهم فقامت تلك المعارك الضخمة التي قضت على القوة الجديدة التي كانت تحاول أن تحرر الإسلام من البدع والخرافات حول العقيدة الأصلية. وقد كانت هذه الدعوة تحيل في ثناياها العمل بمفهوم الإسلام لتحرير الوطن الإسلامي من الاستبداد والنفوذ الاستعمارى الغربي الذي كان قد استفحل في هذه الفترة.

ولقد استطاعت الوهابية أن تعود إلى قوتها في مطلع القرن العشرين عندما سيطر الملك عبد العزيز آل سعود عام ١٩٠٢ على الرياض عاصمة ملك آبائه "نجد" حينئذ عادت الوهابية إلى قوتها وحياتها، وقد استطاع في خلال ربع قرن من السيطرة على مكة والمدينة وفرض مذهب الوهابية على هذه المنطقة حيث هدم المزارات والقباب، ومضى ليضرب حدود العراق وسوريا ويهاجم مزارات الشيعة في العراق وحدود الأردن.

ومنذ ذلك الوقت بدأ خلاف بين السنة والوهابية، أو بين الطوائف التي تؤمن بالإسلام ايمانا وراثيا تقليديا وبين الدعوة إلى تحرير الدين من زبونه ..

وقد كان "محمد عبده" من أنصار الدعوة إلى تحرير الإسلام على النحو الذي دعا اليه "محمد بن عبد الوهاب" ثم ظل الصراع قائما في الأزهر وخارجه حول المذهب التقليدى والمذهب الوهابى حتى عاد "محمد مصطفى المراغي" إلى حمل لواء الدعوة إلى علاج أمراض العالم الإسلامي وتحرير العقيدة.

وقد حدثت عام ١٩٣٧ اجتماعات متعددة حول توحيد المذاهب بين السنة والوهابية في مصر على أسس خمسة:

١ - الحرية الفكرية وفتح باب الاجتهاد ٢ - القبور والأضرحة واشعال المسارج وزيادة المقابر ٣ - النذور وطريقة التصرف فيها ٤ - الاستغاثة والحلف بغير الله ٥ - البحث في تقرير أن العلم لا يناقض الدين.

وقد طلب أحمد شفيق المؤرخ إلى الملك عبد العزيز ابطال الرق في الحجاز وقال "أن الرق الذي هو بها الآن في الشرق ليس من الشريعة الحنيفية في شيء".

***

[الخلاف بين السنة والصوفية]

وكان الوجه الثالث للخلاف هو الخلاف بين أهل السنة والصوفية، أو بين الفقه والتصوف، ولقد كان للطرق الصوفية دوران واضحان لا سبيل إلى انكارهما: الدور الأول هو استغلال الاستعمار لهذه الفرق لخدمة أغراضه والدور الثانى هو ما قام به المتصوف المسلم في قلب أفريقيا من الدعوة للإسلام ونشره على نحو عجزت عنه قوى التبشير الضخمة المؤيدة بمال وجاه الدول المستعمرة.

وفي مصر في ابان الاحتلال البريطانى كانت الطريقة الدمرداشية التي يرأسها عبد الرحيم الدمرداش تحظى برعاية الاستعمار. وقد حرصت الصحف الدائرة في تلك التغريب أن تدعو لها وتحميها وتصورها بصورة العمل النافع.

وفي السودان وفي المغرب كانت بعض الطرق الصوفية أداة من أدواته وقد قام عبد الحميد بن باديس في الجزائر ومحمد عبده وغيرهم من أهل الفهم الصحيح

<<  <   >  >>