أشارت الصحف أن كان لنعيه وقع عظيم في نفوس البهائيين في أقطار المعمورة، وقد نشرت الهلال التي أوردت الخبر تفاصيل كاملة عن مبادئ المذهب البهائى وأهمها أن أساس الأديان واجد وأن الطقوس التي دخلت عليها أدت إلى التمزق والانقسام.
وقالت أن البهاء رمى إلى تأسيس دين عملى نظر فيه إلى تقويم الأخلاق ووجه دعوته إلى العالم كله وليس إلى الشيعة فقط، فكتب إلى ملوك الأرض وقالت أن البهائية فرع من البابية التي ظهرت في السبعينات من القرن الماضى عن طريق البرزا على محمد الباب (المتوفى عام ١٨٥٢) وأن الباب رمى إلى اصلاح الدين الإسلامي.
وقد أشار سلامة موسى في المجلة الجديدة (فبراير عام ١٩٣٠ إلى أن البهائية دين جديد يوافق النزعات الجديدة. وقالت أن هذا الذين يحب أن يلقى تأييدا في مصر حتى ينتشر بين الطبقات التي لا تجد من الأديان السائدة أو من العلوم والآداب ما يقنع نفوسها وقال: أن في انتشار البهائية كبت للتعصب ودعوة إلى اخاء البشر، وأن تنزل على حاجة العصر الحاضر الذي يكره فيه تعدد الأديان وما تجلت في مخالفة بعضها للبعض من تجزيات وتعصب.
ونشر (عمر عنايت) مجلة في العصور أبحاثا متصلة عن البابية والبهائية وتعاليم البهائية وبشر عبد الجليل مسعد الناس بالدين الجديد في مجلة العصور (نوفمبر ١٩٢٩) وقال "قل هو نبأ عظيم" وطالب الناس بألا يتعجلوا الحكم عليه فانه سيتم به اتحاد الشرق والغرب والأديان والأجناس وبه تزول الحروب.
وترجمت العصور كتاب المبشر ج. ا. ا. سلبنت عن "بهاء الله والعصر الحديث" ونشر عباس العقاد في الهلال بحثا بعنوان ساعة مع عبد البهاء (يناير ١٩٣٠، ونشرت الأهرام ٥/ ٥ و ١١/ ٥/١٩٣١ بحثا مطولا عن هيكل البهائية في نيويورك وانتشار هذه الديانة التي "تدعو إلى توحيد الأديان واللغة وترك العصبيات الدينية والجنسية ونبذ الحروب).
٣ - واهتمت دوائر الغزو الثقافي والصحف بالدعوة القادياتية الأحمدية (الأهرام ٢٤/ ٩/١٩٣٣) التي قام بها (غلام أحمد القادياتي) مسيح الهند المولود بقاديان بالبنجاب والذى ادعى بأنه المهدى المنتظر الذي يؤمن به المسلمون وينتظرونه وتتلخص عقيدتهم في هوت السيد المسيح ودفعنه وعدم انقطاع الوحى والنبوة غير التشريعية وعدم النسخ في القرآن.
وقد هاجمهم رشيد رضا (الأهرام ٢٧/ ٩/١٩٣٣) وقال أن دعوى غلام أحمد بأنه المهدى المنتظر دعوى باطلة. وأن القادياتى ادعى أولا أنه المهدى ثم ادعى أنه المسيح الموعود به وأنه يوحى اليه وجاء بسخافات من النثر والشعر زعم أنها تنزل عليه. وحرف كثيرا من آيات القرآن والأحاديث الواردة.
وأشار إلى أنه اعتمد في دعواه ببقاء الوحى والنبوة غير التشريعية على أقوال بعض الصوفية كعبد الكريم الجبلى في كتابه الانسان الكامل وابن عربي في الفتوحات المكية والشعرانى في كتابه البواقيت والجواهر.
***
[حركة المقاومة ورد الفعل]
ولم يقف الفكر الإسلامي مكتوفا أمام هذه الحملات وانما واجهها بقوة ودحض أكاذيبها، وكشف عن خداعها وتضليلها وتعصبها، ورفع الغشاء عن الأباطيل التي برع الغزو الثقافي في حمل لواءها البراق، والتي خدعت الكثير من دعاة التغريب في العالم العربي فصدقوا شعارات الفكر الغربي وكلماته ذات الرنين وخدعهم المبشرون الذين تلقوا عليهم العلم في جامعات أوربا، وفرنسا بالذات، أمثال ماستيون ودوريكهام ومرسية ومرجلوث ولينى بريل وهم أساتذة منصور فهمى وطه حسين ومحمود عزمى وزكى مبارك.
والعجيب أن كتاب أوربا قد انقسموا ازاء العقائد الشرقية والإسلام واللغة العربية وتاريخ العرب وأمجادهم قسمين، وأن مفكرين ذوى قدر وصوت عال قد أنصفوا العرب، ومع ذلك فان نظريات المبشرين والمستشرقين كانت دائما لها الغلب، وكانت هى التي تتردد في صحف مصر والوطن العربي - لا على أنها نظريات قابلة للنقض .. ولكن على أنها حقائق ثانية، ومما يذكر في هذا الصدد أن "ربئان" عندما عرض آرائه عن العرب والسامية وراجعه فيها "جمال الدين الأفغاني" لم يجد أمامه الا أن يعلن أنه سيعاود النظر في مراجعة على ضوء ما أورده جمال الدين في الرد عليه، ومع ذلك فان دعاة التغريب حملوا هذه النظريات في الهجوم على الإسلام والعروبة واللغة العربية كحقائق تفرض فرضا.