ومؤتمر الأديان العالمى في لندن ١٩٣٦ ومؤتمر القوانين الدولى في لاهاى (أغسطس ١٩٣٧).
وفي مؤتمر الأديان العالمى وجه الشيخ المراغى رسالة دعا فيها إلى تعاون أهل الأديان على تقوية الشعور الدينى واعادته بحيث يغمر القلوب ويملأ النفوس هيبة ورهبة من الله. وعلى اعزاز مركز الأديان أمام العلم وأمام تيارات التقدم العلمى والتحرر الفكرى. وقال: أن تقوية مركز الأديان يقى الحياة الانسانية من خطر تحكم المادة.
وأشار إلى أن الهدف هو جعل التدين أداة فعالة في تهذيب الجماعة وتمكين العوامل المعنوية التي تشترك فيها الاديان من التأثير في الحياة الانسانية الواقعية. وكذلك العمل على توجيه التشريع إلى تأييد الأصول العامة المشتركة في الأديان.
وقد حقق مؤتمر لاهاى نصرا كبيرا للإسلام والأزهر اذ أعلن "أن الشريعة الإسلامية لم تتأثر بالقانون الرومانى. بل هى شريعة مستقلة قائمة بذاتها ولا يوجد دليل مباشر أو غير مباشر يمكن أن يستنتج منه من الوجهة التاريخية أن القانون الرومانى كان له أى تأثير على الشريعة الإسلامية وأن الشريعة الإسلامية تحمل العناصر الكاملة التي تجعلها صالحة للتطور مع حاجات الزمن والمدنية".
وقد كان هذا ردا حاسما على كل التهم التي ساقها دعاة التغريب بالنسبة للشريعة الإسلامية والإسلام (اقرأ صحف ٢٦/ ١١/١٩٣٧) وقد كانت اللغة العربية هى احدى اللغات الرسمية في هذا المؤتمر.
***
[دور الأزهر]
وبالرغم من محاولات الاستعمار لعزل الأزهر عن التطور الفكرى، وابعاده عن محيط الحياة العامة، فان الأزهر شارك في مختلف الأحداث وكان له دوره فيها: قاد الثورة على الحملة الفرنسية وقاد ثورة ١٩١٩ على الاستعمار البريطانى من قاب الأزهر ووقف من أحداث المغرب (الظهير البربرى) وليبيا (مقتل عمر المختار) وأحداث فلسطين وسوريا موقف الدفاع، كما هاجم حركة التبشير الكبرى في مصر ١٩٣٣ حيث طالب بجمع الكتب التي وضعها المبشرون للطعن في الإسلام وألف لجانا في مختلف الأقاليم لمناهضة المبشرين.
وطالب الشيخ عبد العزيز شاويش عام ١٩٢١ بادخال تعليم الفتاة إلى الأزهر وقد أعترف الاب الكسيس همالون اليسوعى (م ٤ مجلة المشرق ص ٤٩) باجماع علماء الإسلام على أنه لولا هذه المدرسة لما استمرت اللغة العربية لغة الشريعة في الممالك الإسلامية".
وقد حمل الأزهر ثلاث أمانات: حفظ التراث العربي الإسلامي وذلك بحماية اللغة. وحماية الشريعة وقيادة الحركة الوطنية. وبالرغم من مهاجمة كرومر وخلفائه له، ومهاجمة الصحف التي جرت في ركاب الاستعمار والتغريب وبالرغم من محاولة غزله عن التطور في مناهجه ورسالته، وانفصال التعليم المدنى عنه فقد ظل يحتفظ بنفوذ خطير.
وقد خرج الأزهر عددا كبيرا من أعلام الحياة الفكرية العربية: أمثال حسن العطار وحسن الطويل ورفاعة الطهطاوى وعياد الطنطاوى والمرصفى والمهدى ومحمد عبده وإبراهيم النبراوى وأبو خطوة كما خرج طائفة من الزعماء أمثال سعد زغلول وإبراهيم الهلباوى وعبد السلام المويلحى وإبراهيم اللقانى وعلى يوسف.
ومن عجب أن أغلب الذين عارضوا أفكار الإسلام وجروا في ركب التغريب كانوا من الأزهر أمثال: طه حسين وعلى عبد الرازق وزكى مبارك وأن الذين دافعوا عن الإسلام كانوا من خارج الأزهر: أمثال جمال الدين الأفغانى وفريد وجدى وأحمد تيمور وعبد الحميد سعيد ومحب الدين الخطيب ورشيد رضا.
وقد صور اللورد لويد في كتابه (مصر في عهد كرومر) ملامح الخطة التي أريد بها أبعاد الأزهر عن مجال التطور والمشاركة في الحياة العامة بحسبانه قوة تقف في وجه الأهداف الاستعمارية لتغريب الفكر الإسلامي قال "أن أهمية الأزهر بصفته مركزا من مراكز الرعاية المعادية لبريطانيا كبيرة متعددة الامكانيات وقد أدرك الوطنيون ذلك فحاولوا استغلاله لتأييد مأربهم، وترتب على ذلك نمو روح المعارضة الشديدة لسيطرة الانجليز على التعليم به. أن التعليم الوطنى عندما قدم الانجليز بمصر كان في قبضة الجامع الأزهر الشديد التمسك بالدين والذى كان اسلوبه القديم حاجزا عن طريق أى اصلاحتعليمى. وكان الطلبة الذين يتخرجون منه يحملون معهم قدرا عظيما من غرور التعصب فلو أمكن تطوير الأزهر عن طريق حركة تنبعث من داخله هو كانت هذه الخطوة جليلة الخطر، على أن الخطة الأولى التي يقوم بها اصلاح الأزهر من داخله أقوى في اتخاذ ما نحن في أشد الحاجة