للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المرأة والتبشير]

استهدفت خطة التبشير في اساسها استغلال المدارس المسيحية في القاء بذور الشك في نفوس الشئ المسلم وافساد عقيدتهم. ولذلك كان الاهتمام بالفتاة العربية بالغ الاهمية اذ ان تربيتها في المدارس المسيحية والتاء بذور الشك في نفسها منذ عهد المنشاة مما يساعد على تحقيق هدف التبشير والاستعمار بالنسبة إلى تحطيم الاسرة العربية والقضاء على الجيل الجديد الذي تنشئه الفتاة العربية التي تعلمت في مدارس التبشير- لذلك عول المبشرون على الغزو التبشيري عن طريق المرأة فقال (اتين لامي) في مجلة العالمين الفرنسية (سبتمبر سنة ١٩٠١) "ان تربية البنات في مدارس الراهبات ادعى لحصولنا على حقيقة القصد ووصولنا إلى نفس الغاية التي وراءها نسمى، بل اقول ان تربية البنات في مدارسنا هى الطريقة الوحيدة للقضاء على الإسلام بيد اهله. ان التربية المسيحية او تربية الراهبات لبنات المسلمين اوجد للإسلام في داخل حصنه المنيع عدوه لداء لا يمكن للرجل قهرها لانه سهل على المرارة والحالة هذه ان تؤثر على احساس زوجها وعقيدتها فتبعده عن الإسلام وتربى اولادها على غير دين ابيهم".

وقد انشئت اول مدرسة للبنات في العالم العربي في بيروت عام ١٨٣٠ للمبشرين الامريكان الذين اهتموا بانشاء مدارس البنات- اولا قبل مدارس الاولاد- في مصر وسوريا والسودان، ووضعت الخطة على اساس ان التبشير يكون اتم حبكا في مدارس البنات الداخلية حيث الصلة بالطالبات اوثق ولأنها تنتزعهن من نفوذ حياة بينة غير مسيحية- كما قالت المبشرة ابا مبليان- حيث يجتمع بنات مسلمات عن اسر باثوات وبكوات تحت النفوذ المسيحى وليس ثمة طريق إلى حصن الإسلام اقصر مسافة من هذه المدرسة".

وقد عمد التبشير في رسم هذه الخطة إلى نظرية نفسية واضحة الدلالة هى ان الاثر الذي تحدثه الام في اطفالها- ذكورا واناثا- حتى الصلة العاشرة من عمرهم بالغ الاهمية وبما ان النساء هن العنصر المحافظ في الدفاع عن العقيدة، لذلك كان لابد من العمل بين المسلمات على انه "وسيلة مهمة في التعجيل بتنصير البلاد الإسلامية" وقد استعملوا ذلك المبشرات المثقفات ووضعوا البرامج التي تجعل سيطرتهم نفسيا على المرأة العربية يسيرا.

وهذا هو السر في اللهنة العجيبة التي يبديها الاستعمار وكتابه واعوانه من كتاب التغريب على تحرير المرأة وتعليمها والدفاع عن دعاتها وهو ما لا يتفق مع خطط الاستعمار في تاييد تنوير المرأة وتعليمها وسفورها بينما هو يقف موقف الخصومة لتعليم الرجل وتثقيفه.

***

[مخطط التبشير]

بدا التبشير عمله في كتف الكنيسة لمقاومة الإسلام ثم اتجه إلى العمل السياسي، وقد اعلن بلفور وزير خارجية بريطانيا (١٩١٧) ان المبشرين هم ساعد جميع الحكومات المستعمرة وعضدها في كثير من الامور الهامة ولولاهم لتعذر على تلك الحكومات من تذلل كثيرا من العقبات.

وقد اتخذ التبشير في اول امره خطة المهاجمة والبحث عن المناطق التي تصلح لتضليل اهلها ومحاولة تحويلهم إلى المسيحية، وذلك بوسائل الاغراء المختلفة، غير ان هذه الخطة ام تحد نفعا وفشلت فشلا كبيرا، فقد قاوم المسلمون عمليات التقصير وواجهوها بالخصومة مما دفع المبشرين إلى الفشل والبحث عن خطط اخرى، وقد كان المبشرون في القرن التاسع عشر يدخلون في جدال مع المسلمين يسوقون فيه الاتهامات الباطلة.

وقد عقد المبشرون عديدا من المؤتمرات واصدروا الوفا من النشرات والصحف والمجلات في البلدان المختلفة وبالغات المختلفة كما استغلوا الصحافة غير التبشيرية لنشر اغراضهم بالتشكيك في الإسلام ومهاجمة اللغة العربية والتاريخ وابتاع الخلاف بين الاديان والمذاهب والمعتقدات. وقد اتخذ التبشير من تقسيم العالم العربي بعد الحرب العالمية الاولي فرصته الكبرى وعد هذا العمل بالنسبة له نصرا كبيرا، غير انه ام يصل إلى نتائج ذات اهمية واضحة.

وقد نصت معاهدة فرساي (ا- لمادة ٥٣٨) على جواز التبشير في سوريا. وبذلك استطاع المبشرون في الشام ان يضغطوا على البصرية في تلدا العلويين ونشر الدعوى بينهم بانهم من احفاد الصليبيين.

وقد كان عام ١٩٣٢ هو موعد تعديل هذه الخطط والاتجاه إلى محاولة اقناع الافراد والوصول إلى قلوبهم عن طريق اصداقات واحترام العادات الشرقية والإسلامية للتمكن من بث ارائهم.

<<  <   >  >>