[الحملة على الإسلام]
وقد واجه الإسلام حملات غزو ذات جوانب متعددة منها:
١ - الحملة على مفاهيم الإسلام وكتابه ورسوله وتاريخه.
٢ - الغزو عن طريق بعث أديان جديدة كالبابية والبهائية.
٣ - الغزو عن طريق تعميق تيار الإلحاد في العالم الإسلامي.
١ - وكانت الحملة التي قادها المستشرقون والمبشرون منذ ١٨٣٠ قد حاولت أن توهم بنهاية الإسلام، ففى أوائل القرن العشرين كان هناك رأى يرى أن الإسلام "لم يبق من عمره الا قرنان" وهى نبوءة السياسى المؤرخ "برايس"، الذي قال أن احتكاك الإسلام بالحضارة سيقضى عليه ويؤذن بنهايته.
وأن الإسلام سيذهب بذهاب الدولة العثمانية (الدكتور برون/ ك/ العرب والأفريقيين).
أو أن الإسلام قد يبقى اذا ترك لنفسه، أما اذا احتك بالتمدن الحديث فانه يموت لا محالة (المستشرق لنز بعد سياحته في تومبكتو).
وفي الحالات الثلاث التي تنبأ بها المستشرقون والمبشرون الغربيون لم ينته الإسلام وكذبت نبوءاتهم، ولم يذهب الإسلام نتيجة لذهاب الدولة العثمانية ولا بعد احتكاكه بالعلم والمدنية، ولم يصدق أيضا ما ادعاه غيرهم من أن انحطاط المسلمين يرجع إلى أسباب متصلة بالإسلام نفسه لعدم موافقته لروح التمدن - كما ذكر المستشرق يبشون الألمانى ١٨٨١ في كلامه عن تأثير الإسلام في حياة أصحابه - كما حاول كتاب الغرب دائما تصوير المسلمين بصورة العدد القليل وذلك بايراد احصائيات مضللة:
ومع ذلك فقد عجزوا عن اخفاء الحقائق. فقد أثار المستشرق (مرجليوث) في بحث له عن مستقبل الإسلام (الهلال مجلد ١٦ - ١٩٠٦) أن الإسلام غالب في أفريقيا وشائع في آسيا ومعروف في أوربا وأمريكا. ولم يظهر ما يدل على توقف انتشاره وخصوصا في القرن الماضى لأنه نهض نهضة جديدة.
وأورد قول المبشر "شاتليه" من أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يرتقى الآن وينتشر في الهند والصين. أما الأديان الأخرى فانها آخذة في الانحلال كما أورد ما ذكر أحد كبار المستشرقين من أن الإسلام سيعم الهند كلها وقال أن جماعة كبيرة من الهنود يعتنقون الإسلام ليتحرروا من قيود الديانة البرهمية وكهانها. وأن الإسلام قد انتشر مؤخرا في بلاد الصين حتى أوجس أهل أوربا من انتشاره مخافة أن يصير ديانة المملكة فيحمل أهلها على الممالك النصرانية في أوربا مثل الحملات الصليبية في العصور المظلمة. وأشار إلى أن الإسلام ينتشر في الهند والصين ومستعمرات هولندا بالموعظة الحسنة.
وأشار "مرجليوث" إلى أن الإسلام انتشر في أفريقيا بالحسنى بعد أن انتهى عهد الدراويش، وقد كان الظن أن يتوقف بعد ذهاب الحركة المهدية، والحقيقة أنه لا يزال آخذا في الانتشار.
وكذب "مرجليوث" ما رواه زملائه المستشرقين من أن انحطاط المسلمين يرجع إلى أسباب متصلة بالإسلام وقال: انى أرى المسلمين تحت سلطة المسيحيين أرقى من المسيحيين عقلا وأدبا، واستشهد يقول المستشرق "روبل" الذي ذكر بعد سياحة للحبشة ١٨٣٨ أن الأحباش المسلمين أقدر على العمل وأسمى مداركا وأكثر تهذيبا وعلما من الأحباش المسيحيين.
وأشار "مرجليوث" إلى ما ذكره الرحالة ستيفن هيدن بعد زيارته لآسيا من أن أحد المبشرين قضى في عمله عشر سنوات فلم يستطع تحويل مسلم واحد إلى النصرانية وأن عشرات من زملائه عجزوا مثله وأن دعاة النصرانية قد