[نظرية رينان]
وكان للفيلسوف الفرنسي أرنست رينان (١٨٦٣ - ١٨٩٢) أثره الواضح في توسيع هذه النظرية الاستعمارية وخلاصة آراء رينان هى:
* ان هناك فوارق بعيدة المدى بين الأمم السامية والأمم الآربة.
* ان الأمم السامية قصيرة الخيال، جافة التصوير تدرك الأشياء ادراكا أولياء ولا تتعمق في بحثها ولا تسترسل في كشف الحقائق ومعرفتها وتحكم على الأشياء لأول مرة حكم المعتقد الجازم بصحة الشئ الذي اعتقدته.
وخيالاتها محدودة وادراكاتها محدودة، ونظاماتها الاجتماعية لا تعرف التطور. ليس في نظام حكومتها ما يدل على سعة الادراك ولا على أثر التفكير. وليس لها في علم الأدب والفن أثر يذكر بالنسبة لما تركته الأمم الأخرى، بل ليس لها فلسفة ولم تسترشد الأمم الأخرى بشرائعها.
* ان الإسلام لا يشجع على العلم والفلسفة والبحث الحر، بل هو عائق لها، بما فيه من اعتقاد في الغيبات وخوارق العادات والايمان التام بالقضاء والقدر.
* من أشتغل بالفلسفة من المسلمين اضطهد وأحرقت كتبه وما وصل اليه هؤلاء من الفلسفة ليس له قيمة كغيره فهو ليس الا فلسفة اليونان مشوهة.
والفلسفة التي أخذها الأوربون عن المسلمين في أسبانيا كانت فاسدة رديئة الترجمة مشوهة الأصل لم تستفد منه أوربا الفائدة الحقة.
* العنصر العربي بطبيعته أبعد العقول عن الفلسفة والنظر فيها، فالزمن الذي كان يسود فيه العنصر العربي- وهو عهد الخلفاء الراشدين- لم تكن فيه فلسفة ولم يظهر البحث العلمي ولا الفلسفة الا حين انتصرت الفرس ونصروا العباسيين على الأمويين.
* ان العقل العربي لا يصلح للدراسة والبحث لأن العقلية السامية مجدبة كالصحراء التي نتت فيها ولا تقوى على التحليل والتعمق كما هو الحال بالنسبة للعقلية الآرية.
× هذه النظريات هى أساس كل ما حمل لواءه كتابا غربيون كثيرون قد انصفوا الإسلام والحضارة
* ان عقيدة الجبرية عند المسلمين من شأنها أن تخنق الروح العلمية وان تحول دون المضى في سبيل التقدم وان الإسلام عجز عن التطور وعن قبول أى عنصر من عناصر المدنية فأجتثت من قلبه كل بذرة من بذور الثقافة العقلية.
وكان رينان قد أداع هذه الآراء في محاضرة ألقاها في السربون في ٢٩ مارس ١٨٨٣ تحت اسم (التعاليم الإسلامية والعلم) ونشرت في جريدة الديبا ورد عليها جمال الدين الأفغانى- الذي كان بباريس اذ ذاك- وجرت بينه وبين أرنست رينان مقابلة نوقشت فيها هذه الأفكار.
[رد جمال الدين الأفغانى]
وقد كان رد جمال الدين على هذه الآراء علميا واضـ، الدلالة: قسم موضوع المحاضرة إلى عنصرين:
(١) ان الديانة الإسلامية كانت بما لها من نشأة خاصة تناهض العلم.
(٢) ان الأمة العربية غير صالحة بطبيعتها لا لعلوم ما وراء الطبيعة ولا للفلسفة وأجاب عن (النقطة الأولى) فقال:
ان المرء ليتساءل أصدر هذا النشر عن الديانة الإسلامية نفسها أم كان منشؤه الصورة التي انتشرت بها الديانة الإسلامية أو حملت على اعتناقه وعاداتها وملكاتها الطبيعية هما جميعها مصدر ذلك.
ان مناهضة المسلمين العلم أو الفلسفة في بعض عصورهم المتأخرة لا ترجع إلى طبيعة دينهم بل أولى بنا ان ننسبها إلى سوء بعض الشعوب التي اعتنقته من غير العرب.
٢ - أما عن النقطة الثانية فالكل يعلم أن الشعب الذي خرج من حال الهمجية التي كان عليها واخذ يسير في طريق التقدم الذهنى والعامى ويغز السير بسرعة لا تعادلها الا بسرعة فتوحاته السياسية وقد تمكن في كتابنا المغتربون أمثال طه حسين وسلامة موسى ومع ان العربية. فقد ظلت هذه الآراء ذات أقوى أثر عندهم.