(١)
حملات على الجنس السامية والآرية
اتسمت حملات "لتحطيم الكيان" التي قام بها الاستعمار بالعصبية والهوى والمغالطة وتجاهل المنهج العلمي الصحيح. وقد اتصلت هذه الحملات بكل ما يتعلق بكيان الشخصية العربية من قيم وتراث وخاصة في ميادين الدين واللغة والتاريخ والجنس. وصدرت عن مخطط مرسوم واضح وضع قاعدته الأولى كاتبين متعصبين استعماريين هما: جوبنيو ورينان.
وتقوم النظرية على وجود فوارق طبيعية بين الساميين والآرايين، وهما قاعدة الفوارق بين الشرق والغرب والرجل الأبيض والرجل الملون، بل قاعدة الاستعمار نفسه حين فرض الرجل الأبيض نفسه على أفريقيا وآسيا باعتباره حامل لواء المدنية.
حمل الغرب لواء الدعوة إلى نظرية الجنس وأقام على أسسها معركة التفرقة العنصرية. وترى هذه النظرية ان هناك اختلافات جوهرية وجسمانية وذهنية بين الأجناس البشرية وبين الآريين والساميين بالذات، وتفسير التاريخ تفسيرا يقوم على الهوى والأنانية مع احتقار كل ما هو ليس آريا وتجريد غير الآريين من خير الصفات الانسانية.
وقد اختلفت أوربا في حبل لواء هذه النظرية فقالت فرنسا بسيادة الجنس الكلتى ضد الجرمانى ودعت بريطانيا إلى سيادة السكون ضد الكلت. وأكدت ألمانيا سمو العنصر الجرمانى فوق الكات والسلاف واللاتين.
ونشأ عن هذه الدعوة نظرية الحاجز اللونى التي تقوم على أساسه ظاهرة الاضطهاد الحضاري. وقد طبقت هذه النظرية في أفريقيا وآسيا وأمريكا باضطهاد الزنوج أصحاب الأرض الأصليين.
نظرية جوبنيو
ونظرية الأجناس البشرية التي دعا اليها الكونت دى جوبنيو الفرنسي عام ١٨٥٨ قد استغلها الاستعمار في الفتح والتوسع، على أساس انه لا مساواة بين البيض والسود ولا بين المستعمرين والشعوب التي يحتلونها، وان البيض المستعمرين أعظم عقلا من السود المحتلين. وان هناك اختلاف جوهرى في سلالة العراق وجريان الدم.
وترى هذه النظرية انه ما دام هناك شعوب عليا، وما دام قانون الطبيعة يعطى الغلبة للآرى المتفوق فان من حقه ان تكون له السيطرة وان يقبض بيده على مقدرات العالم. وان الجنس الأبيض ينفرد بكل الخلق العظيم كما انه اختص بالجمال والذكاء والقوة في تاريخ الحضارات المتعاقبة وان ما عداه من الأجناس الأخرى عالة عليه.
وقال جوبنيو: ان (اليتو تويبين) هم أرقى الأجناس البيضاء جميعا وأفضل السلالات البشرية على الاطلاق.
ولقد كان لاتصال جوبينو مع الموسيقار "ريتشرد فلجنز" الألمانى أثره في تبنى الموسيقار الألمانى للنظرية التي تلقتها ألمانيا في الوقت الذي تحققت فيه الوحدة الجرمانية واتجهت إلى تأسيس امبراطورية كبرى وقد اتخذها رجال غليوم الثانى وسيلة لتعبئة قوى الشعب لغزو المسكرات.
وتأثر "فردريك نيتشة" الفيلسوف الألمانى بهذه النظرية وأوحت اليه بعض قصائده عن "السوبرمان"