للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقنين الفرنسي والتقنين المصري والتونسى والمراكشى واللبنانى وأخذت من المشروع الفرنسي الايطالى ولتقنينات الجرمانية نموذجا يعد في نظرى المثل الأعلى للتشريع المدنى في العصر الحاضر. وبحثت ما يقابله من مذهب أبى حنيفة والمذاهب الأخرى الإسلامية. وهكذا قدمت للعراق مشروع عقد البيع مأخوذا من أحدث التشريعات الغربية ولا يكاد يختلف في شئ عن احكام الشريعة الإسلامية. وقد اخذ فقهاء المسلمين بعد تحفظات على وجهها الدكتور السنهورى.

***

[موقف الفكر العربي من الحملة]

وقد اوجه الفكر الإسلامي المعاصر قضية التشريع الإسلامي مواجهة واضحة قوية كشف فيها عن عظمة هذا التشريع ومرونته وقدرته على مواجهة التطور والحضارة في مختلف الأزمان والبيئات.

وقد دعا الفكر الإسلامي إلى فتح باب الاجتهاد ورفض التقليد. وآمن بأن "المقلدون في كل أمة المنتحلون اطوار غيرها يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء اليهما وتكون مداركهم مهابط الوساوس ومخازن الدسائس".

وظهر الاتجاه إلى توحيد المذاهب الإسلامية وعدم التقليد بمذهب وأحد، على أساس الحقيقة التي تقول بأن الشريعة الإسلامية ليست مذهبا واحدا بل هى مجموع المذهب دون تقييد.

وقد كشف عن أن الخلاف بين المذاهب لم يقم على المبادئ والتعاليم الأساسية بل كان وقفا على الفروع، وأن اختلاف المذاهب كان من أسباب مرونة الشريعة الإسلامية وتطورها، وأن بعض الأحاديث قد وضعت في بعض عصور التاريخ الإسلامي خدمة للسياسة وانتصارا لبعض الأحزاب (الدكتور محمصانى (ك) العرب والحضارة الحديثة).

وكشفت الدراسات المختلفة عن أن الجماعة الإسلامية اعتقدت في العصور المتأخرة أن أبواب الاجتهاد قد أقفلت في وجه أي: تفسير مما ادى إلى ركود المجتمع الإسلامي. وأن الحركة الوهابية سبقت الغزو الثقافي وكانت ايذانا باليقظة وفتح باب الاجتهاد، وقد ظهر هذا التيار وتعمق من بعد داعيا إلى العودة إلى القرآن والسنة واعادة فتح باب الاجتهاد واعادة تفسير قوانين الإسلام للجماعات وكشف الطبقة الجامدة التي علت وجه الفكر العربي الإسلامي وجرى تطويع القوانين العلمانية الغربية للحياة الإسلامية كما فعل الدكتور عبد الرازق السنهورى في اعداد القانون المدنى فقد نص في آخر مادة في هذا القانون على أنه اذا درست قضية وثبت أنه لا يطبق عليها أى قانون وجب أن يعتمد الحكم فيها على أرحب تفسير لأى قانون إسلامي في أحد المذاهب.

وكشفت هذه الأبحاث عن حقائق لا سبيل إلى الشك فيها وهى أن الإسلام من حيث كونه نظاما مدنيا قد توافرت فيه مرونة تمكن المجتمع الإسلامي من التطور دون أهمال قواعده الأساسية باقراره حكم العادة والاجتماع والاجتهاد.

وأنه تشريع مرن قابل لأن يكون تشريع كل زمان ومكان وله القدرة على مسايرة حاجات المدنية الطارئة وأحوال المجتمع المدنية.

وأن الإسلام لم يكن عائقا للمجكتمع عن التقدم وكانت صيحة جمال الدين الباكرة "وصدأ الأوهام" وأن الإسلام دين ومجتمع وسياسة واقتصاد.

وكان هذا ردا حاسما على الحملات العنيفة التي وجهها الغرب إلى الإسلام بقصد تنحيته عن مكانه في الحياة الغربية والقضاء على جوهره ومفاهيمه في الجهاد والمقاومة والحرية من ناحية والقضاء على جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بغليب الانظمة الغربية بحسبانه انه القوة التي تقاوم الاستعمار، وذلك جريا وراء تمزيق الوحدة واضعاف الجبهة المذهبية والعصبية الشعوبية والحيلوية دون مبادئ الإسلام وتعاليمه وبين التطبيق والبقاء مع صلاحيتها التامة للمجتمع وقابليتها للتطور وضرورة بقائها.

وقد قال (ويلفرد كانتول شمت) بصدد الاشارة إلى محاولة بناء مجتمع إسلامي في القرن العشرين أن تاريخ الشرق الأدنى الحديث يدل على أن القومية المجردة ليست القاعدة الملائمة للنهوض والبناء، وما لم يكن المثل الاعلى إسلاميا على وجه من الوحدة لن تثمر الجهود البته.

وبذلك كله فشلت دعوة التغريب في "أقتصاء الإسلام عن مجال الحياة ومناهج التربية والقضاء والحكم".

<<  <   >  >>