للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هناك وجه للمقارنة بينها وبين لغة الهنود الحمر الذين يتخذون الانجليزية. أما اللغة العربية فأنها لغة تمدن وعلم ودين وهى من أرقى لغات الأرض فضلا عن ارتباطها بالدين الإسلامي.

***

[٣ - اللغة وتدريس العلوم]

وأثيرت مشكلة اللغة وتدريس العلوم بها (مايو عام ١٩٢٠) وكانت الصحف منبرا لمعركة حامية حولها.

وقد أبدى دعاة التغريب وحماة الغزو الثقافي اعتراضا على صلاحية اللغة العربية لتدريس العلوم في الجامعة منها:

- قصور اللغة عن الوفاء عما تحتاجه علوم الطب من الألفاظ والاصطلاحات.

- المشقة في ترجمة الكتب العربية ونشرها.

- صعوبة تحويل المدرسين الانجليز من مدرسين باللغة الانجليزية إلى مدرسين باللغة العربية

- ما ينشأ عن التعليم باللغة العربية من انقطاع الصلة بين الطبيب وبين علوم الطب بعد تخرجه.

- تعذر الدراسة على الطبيب في المستقبل إذا أراد التوسعة في معلوماته ونيل درجات عالية من الخارج.

وقد فند الدكتور أحمد عيسى كل هذه الاعتراضات وابان عظمة "اتساع اللغة العربية" وكثرة ألفاظها وتعدد معانيها تعددا لا يدانيها فيه سوى اليونانية وقال "أن لغة يبلغ ما أمكن حصره من كلامها مائة الغ مادة لا يمكن وصفها بالعى والقصور".

وقال أن اللغة العربية هى لغة الفصاحة. هى لغة البلاغة يتسع المجال فيها للكاتب من اطناب وإيجاز وتصريح وتلميح وكناية واستعارة ولا يعجز الكاتب عن التعبير بها أرق المعانى وتصويرها حتى يخيل اليه اتها مصورة امامه تلمس باليد (الأهرام - ٤ مايو ١٩٢٠).

وقد عرض كثيرون لتأييد هذا الرأى: محمد شافعى اللبان (١٤ مايو ١٩٢٠ الأهرام) والدكتور هيكل في افتتاحية الأهرام ١٠ مايو ١٩٢٠ حيث نعى على ما يؤلف من الكتب باللغة الانجليزية أو أي: لغة اجنبية وبين أن ما يكتب باللغة العربية يكون في متناول الجميع قراءته وفهم معلومه، وقال أن أهم ملاحظة تكثف عن الضرر الفاحش الذي يجيء بسبب التعليم بلغة أجنبيه هو عدم التفاهم بين طائفة المعلمين وباقى الطوائف تفاهما تاما.

وقد ظلت معركة اللغة العربية في تعليم العلوم قائمة، وظل الاستعمار ممثلا في أعوانه وأتباعه في الجامعة حريصا على ان لا يتحقق التعليم باللغة العربية في مصر في حين استطاعت سورية أن تحقق ذلك.

ومما يتصل بذلك ما طالب به زكى مبارك من ادخال اللغة العربية إلى الأقسام الثانوية في المدارس الأجنبية: وقال أن الطلاب معرضون لأصعب الأخطار في الوجهة العمومية أن لم يحرسوا حراسة من طغيان الدعايات المذهبية ولا يعصمهم من تلك الدعايات الا تذويدهم باللغة العربية. ودراسة تاريخ مصر دراسة عميقة تصل بهم إلى الثقة بأنهم نشأو في وطن له ماض في خدمة العلوم والآداب والفنون.

وملاحظة زكى مبارك لها وزنات لأنها جاءت نتيجة خبرته أيام كان مفتشا لوزارة المعارف بالمدارس الأجنبية.

***

[٥ - تعليم الدين]

ولقد حرص الكثيرون على مقاومة أقصاء الدين عن مناهج التعليم وكان في مقدمتهم الشيخ محمود أبو العيون الذي لم يترك مناسبة دون أن يثير هذه الرغبة وقد وجهها إلى كل وزير للمعارف (أننا نريد أن يكون تعليم الدين في المدارس مادة أساسية كباقى المواد التي ينجح فيها الطلاب أو يرسب. ونريد أن يكون التعليم للعبادات والعقائد وسير أبطال الإسلام والائمة المعروفين (خطابه إلى وزير المعارف ٦/ ١٠/١٩٣٠) وكان قد تقدم به لأول مرة عام ١٩٢٣ ثم عام ١٩٢٥.

وقد أشار عبد الصبور مرزوق في كتابه فوضى التعليم في مصر إلى ان الانجليز علموا مدى خطر التربية الدينية على وجودهم حين (أوحوا إلى عصبة مجرمة من خونة المصريين فأنزلوا بهم المحن) وأشار إلى قول جاروفالو المربى الايطالى: أنه لمقاومة الاجرام يجب رفع مستوى الاحساس الخلفى بالتعليم الصحيح

<<  <   >  >>