وقد قام رجال الأزهر في هذه الفترة بدور ضخم في الدفاع عن مصالح الشعب وقد كان علماء الأزهر كما وصفهم الشيخ الشبراوى (١٧٥٠) "انما نحن المتصدرون لخدمتهم وقضاء حوائجهم عند ارباب الدولة والحكام".
ولم يبد الأزهر مقاومة لحركة التجديد، بل تقبلها وأعلن أن الإسلام لا يمانع فيها، وقد أشار الشيخ الجبرتى إلى أنه شاهد مع الشيخ العطار بعض تجارب العلم وأعلن أن الإسلام أقرب إلى التجدد منذ البداءة وأن التغريب ليس له قيمة اذا اقتصر على مجرد التقليد للغرب دون أن يكون طعيما للميراث القديم.
***
[صلاح الأزهر]
وأشار الباحثون إلى أن الأزهر حفظ اللغة العربية من طغيان اللغات الوافدة عليها ومن غلبة العامية وأن الشيخ حسن العطار أول من نبه إلى اصلاح الزهر بتقصى برنامج العلم فيه وكان شيخا له (١١٨٠ - ١٢٥٠) وأشار إلى النقص كان سببه اهمال كتب المتقدمين واهمال العلوم الحديثة والرياضة وأن الحملة الفرنسية كان لها أثرها في نفسه.
كما دعا إلى اصلاح الأزهر رفاعة الطهطاوى وهو تلميذه الذي وجهه إلى دراسة العلوم التي نبغ فيها الغرب. وقد دعا رفاعة إلى ادخال العلوم العصرية في الأزهر.
وكان جمال الدين الأفغانى من دعاة اصلاح مناهج الأزهر وقد درس اريديه خارج الأزهر علوم الكلام والحكمة والهيئة والتصوف.
وقد جرت في هذه الفترة محاولات لادخال العلوم الرياضية والفلسفة غير أن شيوخ الأزهر كانوا يرون بقاء القديم على قدمه، وأن النظر في ذلك العلوم ليس من شأنهم ولا حاجة لهم به - على حد تعبير عبد المتعال الصعيدى في كتابه "تاريخ اصلاح الأزهر".
***
[دور الشيخ محمد عبده]
وتردد حديث طويل عن دور الشيخ محمد عبده في اصلاح الأزهر والمؤامرات التي واجهت هذه الاصلاح. فقد حاول اقناع الخديو عباس باصلاح الأزهر وقال: "أن في الامكان اصلاح الأمة باصلاح الأزهر والمحاكم والأوقاف" غير أن كل ما وصل اليه هو انتشاء مجلس ادارة الأزهر ١٨٩٦ م كان هو وعبد الكريم سليمان من أعضائه وقد جرى خلاف في وجهات النظر حول مدى الاصلاح. وكان رأى محمد عبده أن يكون أصلاحا كاملا يقضى على كل أثر للجمود في الأزهر (على حد تعبير عبد المتعال الصعيدى) فلم يوافقه أولو الأمر ونصحوه بالتدرج وكان من رأى بعض شيوخ الأزهر الجامدين اصلاح نظام التدريس والامتحان وكان هدف محمد عبده من شقين: الأول: الاصلاح الدينى وبعث روح الاجتهاد (والثانى) أصلاح المناهج.
وتحقق بذلك وضع قانون يقوم باصلاح نظام التدريس والامتحان أصبح به الأزهر ادارة نظامية وقد سجل قانون الأزهر رقم ١٠ لسنة ١٩١١ أن الغرض من الجامع الأزهر هو:
*القيام على حفظ الشريعة الغراء أصولها وفروعها.
*تعليم اللغة العربية ونشرها على وجه يفيد الأمة.
*تخريج علماء يوكل اليوم أمر تعليم هذه العلوم في المعاهد الدينية ومدارس الحكومة.
وقد روى أن الشيخ عبده هوجم في معارضته للنظام القديم وقيل له في مجال التدليل على تأكيد النظام القديم أنه تعلم ووصل عن طريقه إلى أرقى الدرجات فأجاب "ان كان لى حظ من العلم الصحيح فأنى لم احصله الا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغى ما علق به من وساخة الأزهر وهو إلى الآن لم يبلغ ما أريده من النظافة".
غير أن النظام الذي أقره الشيخ عبده لم يلبث أن عطل عند ما وقع الخلاف بينه وبين الخديو فانقلب أهل الأزهر على النظام الحديث ووجه الشيخ الظواهرى خطابا للخديو يطلب فيه الغاء النظام الجديد والعودة الى