أعلن ماركس هذه الآراء ١٨٦٤ وحاول ايجاد اتحاد بين عمال أوربا لمقاومة الممولين، وفي عام ١٨٨٩ أنشئت الدولية الثانية حيث عقدت مؤتمرات في بروكسل ثم سقطت الحكومة القيصرية في ١٦ مارس ١٩١٧ وبدأت الثورة الشيوعية الروسية حيث قامت الدولية الثالثة عام ١٩١٩.
وقد اعتنق لينين دعوة ماركس وحولها من نظرية فلسفية إلى نظام الحكم وقد تبين في أول مرحلة من التطبيق مدى الفارق البعيد بين مفهوم النظرية وبين امكان التطبيق، لذلك لجأ "لينين" إلى اعلان مرحلة وسطى هى ما أطلق عليه (ديكتاتورية العمال المؤقتة) ثم تطورت هذه الفترة المؤقتة التي استمرت حتى الآن أربعين عاما إلى ما أطلق عليه "حكومة الصفوة والممتازة": هؤلاء الذين وصفوا بالاخلاص والخبرة للفكرة الشيوعية، وهكذا تطورت الشيوعية من ديكتاتورية عمل إلى ديكتاتورية الصفوة الممتازة.
وجرت حركات التطهير المختلفة المتعاقبة لتخليص الحكم إلى حاكم واحد، فقد مات لينين ٢١/ ١/١٩٢٤ ووقع الصراع بين تروتسكى وستالين حتى استولى الآخر على الحكم ونفى تروتسكى وظل حاكما لروسيا حتى توفى في مارس ١٩٥٣. والسؤال الذي طالما وجهه الفكر العربي الإسلامي إلى الشيوعية في خلال هذه الفترة هو هل حققت الشيوعية:
تحرير الطبقة العاملة والفقيرة.
قيام مجتمع خال من الطبقات.
انشاء القيادة الجماعية.
الغاء التفاوت الطبقى وازالة الفوارق بينها.
توزيع الثروة على أفراد المجتمع بالعدل.
وقد عرض المفكرون لهذه الأهداف بالبحث، وقالوا أن واحدا من هذه الأهداف الرئيسية للدعوة الشيوعية لم يتحقق. فقد أصبح العمال مسخرين لطبقة حاكمة جديدة. وأن الحكم ما زال دكتاتوريا استبداديا، وأن القيصرية لم يقض عليها، فقد قام قيصر شيوعى بدلا من القيصر الأول فضلا عن أن الاضطراب والتغيير المستمر مازال متصلا مما يدل على عدم استقرار النظام ومخالفته لسنن الطبيعة والنواميس الاجتماعية والنفسية للأمم.
مع القضاء المطلق على الحرية الشخصية وحرية الكتابة والرأى والخطابة، وكان أبرز ما اهتم الفكر العربي في النظر اليه من أمر الشيوعية: أمران: الدين والحرية.
***
[الدين]
وقد تبين أن الشيوعية دين جديد يحتقر الأديان القديمة ويقوم على "مادية" تنكر الله والرسالات. وقد ناهضت الأديان بالإلحاد، وشنت عليها حربا متصلة وألغت التعليم الدينى ونكرت الكتب المقدسة وآلهت لينين وستالين وأباحت اللادينية والوثنية.
وقد أعلن قادة الماركسية الشيوعية: أن الشيوعية والدين ضدان لا يلتقيان ولا يأتلفان، فمن أراد أن يكون شيوعيا وجب أن يكون من غير دين وأعلنت الشيوعية حربها على المسيحية لأنها تحض على الرحمة. وقالت أن الرحمة مناقضة لتعاليمنا.
وقد أكد ذلك (لونا شارسكي) وزير التعليم السوفييتي: اذا قال: نحن نكره المسيحية والمسيحيين، وحتى أحسن المسيحيين خلقا نعده شر أعدائنا فهم يبشرون بحب الجيران والعطف والرحمة، وذلك يخالف مبادئنا و"الحب المسيحي" عقبة في سبيل تقدم الثورة .. فلنسقط حبنا لجيراننا فان ما يزيده هو الكراهية والعداوة، وحينذاك نستطيع غزو الغالم.
وأكدت الشيوعية أن التفسير المادى للتاريخ يناقض وجود الله فمادامت الأسباب الاقتصادية هى التي تملى على التاريخ حركته وتسيره حيث شاء فلا مجال هناك للاعتراف بالله خالق أو أى قوة وراء الغيب توجه البشر إلى مصائرهم.
وهم يرون أن الدين ليس الا تفسيرا خاطئا للظواهر الاجتماعية وبقية من بقايا النظم الاستغلالية البائدة ولونا من الخداع صنعه بعض الناس ليستفيد به بعض الناس.
ومعللون انتشار الدين بالظروف المادية التي عاش فيها الانسان الول. فيقولون أن الانسان الفطرى في العهد البدائى كان يقف عاجزا حائرا أمام الظواهر الطبيعية كالرعد والعواصف والفيضانات وغيرها، وكان لجهله بأسبابها يردها إلى ارادة عليا تسعى الى