[النظرية الديمقراطية]
واتجه التفكير الغربي إلى نقل نظريات الديمقراطية الغربية إلى الفكر العربي على أنها أصلح النظريات في الحكم والفكر للوطن العربي الإسلامي وأجرى الاستدلال على قرابتها للفكر العربي واتصالها به أشد اتصالا من التفكير الإسلامي ونظريات الحكم الإسلامي.
وكان لهذا أثره في نقل الأنظمة الديمقراطية إلى الحكم في جميع البلاد التي استطاعت بعد جهاد مع الاستعمار أن تحصل على الاستقلال الذاتى, عن طريق معاهدات أقرت وجود قوات الاحتلال وارتبطت مع الدول المحتلة بواسطة مخالفات عسكرية وثقافية واقتصادية.
ثم قامت دساتير في الأقطار العربية وتأسست أحزاب وفق النظام الديمقراطي وقامت برلمانات ومجالس نيابية وقد أثبتت هذه الأنظمة فشلها خلال الفترة التي طبقت فيها, فقد كان النظام الحزبى الذي هو أساس النظام النيابى الديمقراطية وسيلة من وسائل الصراع في كل قطر, وأداة من أدوات التفكيك والتجزئة والحيلولة دون قيام الوحدة الاقليمية مما جعل الأحزاب تتهم بعضها الآخر بالخيانة ومولاة المستعمر, وكان المستعمر ينتصر لهذا الحزب تارة ولذلك الحزب تارة أخرى بما يحقق بقاءه وسلطانه بما يحقق اسراع كل حزب لارضائه بأكثر مما يستطيع الحزب الآخر لضمان البقاء في الحكم وعلى حساب الوطن نفسه.
وفي الحق أن الوطن العربي لم يكن في حاجه إلى تقبل نظام بعينه أو رفض نظام بعينه, وانما كان في حاجه إلى الحرية التي تمكنه من أن يبحث ويغربل ويقتبس الصالح من جميع النظريات والمذاهب بما يتفق مع كيانه ومقدراته ومقومات شخصيته وتراثه وارتباطه بماضيه وموقعه وحاجاته دون أن يفرض عليه هذا الاقباس التبعية لنظام معين أو مذهب معين, تبعية تجعله يسير في ركاب الديمقراطية الرأسمالية والشيوعية الماركسية ولم يكن ذلك ممكنا في ظل الاحتلال القائم الذي كان يفرض مذاهبه وآرائه وأفكاره بالقوة المسلحة.
***
[نظرية الشك: ديكارت]
وتأثر الفكر العربي بنظرية "ديكارت" التي سجلها في كتابه "مقال عن المنهج" وكان ديكارت وقد اهتدى إلى نظريته في ١٠ نوفمبر ١٦١٩ وهو في جملة, لا ينظر إلى الماضى ولا يأخذ النظريات المقررة المتداولة حقيقة مسلما بها, غير أن الشك الذي يفرضه منهجه لا يجعل من الذهن صحيفة بيضاء, فهو يؤمن بعملية الغربلة والانتخاب بين الأفكار والمعانى التي تداولها الذهن البشرى ولا يمنع هذا عنده من الاحتفاظ بالقديم الصالح, غير أنه يرى هدم ما لا يستحق البقاء من الآراء المتوارثة وقد نعى فلسفة أرسطو الحيرة والعمق.
ورفض ديكارت كل سلطة تحاول أن تفرض على الفكر فرضا ورأى أن العقل هو أساس قبول أى نظرية أو رأي وهو لا يسلم بشئ ما لم يتبين له صحته بداهة ومن غير التباس.
ووجد خصومة من البروتستانت الذين اتهموه بالتشكك والإلحاد والعمل على هدم الجامعات والكنيسة والدولة, كما وجد خصومة من الكاثوليك الذين اتهموه بالمروق للدين.
وقد رأى ديكارت أن بتحرر من قيود الدين المسيحي الذي رآه بصورته لا يمكن من البحث العامي الحر, فدعا إلى تغليب العقل على الموروثات وقال أنه قصد بمذهبه مجال العام وحده وأنه استبقى اعتقاده في الحقائق الدينية, وقد تأثرت بمذهبه ميادين السياسة والدين (توفى ١٦٥٠).
وقد حاول كثير من المفكرين اصطناع مذهب ديكارت في البحث العلمى في مجال الفكر العربي الإسلامي ونادوا به كشئ جديد في حين أن الفكر العربي القديم عرف نظرية الشك التي أخذها ديكارت من المسلمين وحمل آراءها الغزالى وابن حزم وابن رشد ولهم عبارات واضحة الدلالة (عثمان أمين - الثقافة مايو ١٩٤١) في مذهب الشك الذي يؤدي إلى اليقين ولكن هذه النظرية حين حملت إلى الفكر العربي حرفت في أساسها بغية الوصول بها إلى الهدف التغريبى الذي يرمى إلى التشكيك في تراثنا وتحطيم مقوماته.
***
[الفاشية والنازية]
وقد قامت بعض الحرب العالمية الأولى دعويان أخريان على اثر قيام "الثورة الماركسية في روسيا ١٩١٧ الفاشية في ايطاليا والنازية في ألمانيا كرد فعل لها وقد ظهرت الفاشية أولا كحركة مقاومة للشيوعية وجعل الفاشيست شعارهم القوة والاتحاد زحف الفاشيست