لتقبل الافكار الجديدة، كان لهذا كله أثره البعيد المدى فيما بعد وصف بأن تركيا ما تزال إلى الحرب العالمية الثانية تعانى "الآم المخاض"
ولست ادرى إلى أى مدى يمكن قبول ما اذيع ورددته الصحف من أن شروط التي عقدت بين تركيا والحلفاء في لوزان عام ١٩٢٣ والمعروفة بشروط كرزون الأربع قد تضمنت (١) قطع كل صلة بالإسلام (٢) الغاء الخلافة (٣) اخراج اصار الخلاقة والإسلام من البلاد (٤) اتخاذ دستور مدنى بدلا من دستور تركيا القديم.
وقد اتجهت تركيا إلى الغرب اتجاها عاصفا عنيفا شاملا، وقبلت نظرية الغرب قبولا كاملا، لم تتردد في النظر اليها أو الاقتباس منها كما فعلت البلاد العربية بل قطعت كل صلتها بالماضى القديم واتجهت نحو الغرب أتجاها كاملا في ميادين اللغة والزى والدين والمرأة وحققت:
- الغاء الخلافة والغاء الاوقاف وحذف مادة دين الدولة الرسمى الإسلام.
- الغاء الزى الشرقى وفرض الزى الأوربى والقبعة
- الغاء الحروف العربية.
- تحرير المرأة ودفعها إلى المجتمع والحرية.
(١) اللغة: قرر مؤتمر باكو (٢٧ مارس ١٩٢٦) استعمال الحروف اللاتينية في كتابة اللغات التركية والتتارية وجاء في قراره "لقد دفن المؤتمر الحروف العربية نهائيا "ولم يقم مندوب واحد للدفاع عنها" واستعمال الحروف اللاتينية بعد أن رأى هذه الحروف أوفى بالعمل من الحروف العربية من الوجهتين الادبية والاجتماعية. وقد حمل مصطفى كمال بنفسه لواء العمل فوقف أمام السبورة وعلم الشعب الكتابة بالحروف اللاتينية، وكلف حوذيا أميا يدعى بكير أغا ولا يعرف القراءة والكتابة بأن يقف عند السبورة وعلمه عليها الحروف اللاتينية وقال مصطفى كمال للاهالى: أمحو من أذهانكم الحروف القديمة محوا تاما. وقال أن الكتابة الجديدة ستمكن الكفايات العالية والعبقريات الباهرة من التقدم وصدر الأمر بتعليم اللغة الجديدة في المدارس التركية كلها. وأرغمت الصحف والمجلات على أن تطبع بالحروف اللاتينية وصدرت الأوامر ألا تطبع أو تنشر شيئا بالحروف العربية ورفعت اللافتات العربية وأمرت مكاتب البريد ألا تقبل أو تخرج رسالة معنونة بالحروف العربية، واستقدمت ماكينات لينوتيب مجهزة بالحروف اللاتينية.
ثم تقرر قطع كل صلة باللغات العربية والفارسية وتنقية اللغة التركية من جميع الألفاظ العربية والفارسية والاستعاضة عنها بكلمات تركية أو أروبية.
***
[فصل الدين عن الدولة]
وأعان مصطفى كامل بأن الدين يجب ألا يتعدى المعابد وان حرية الفكر هى أساس لحرية الدولة، ولكل أنواع الحرية وقال: أن المادة التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمى لم تعد صالحة لهذا العصر وأنه يجب حذفها من الدستور في اول فرصة.
ثم ندد تنديدا شديدا بالذين استخدموا الدين سلاحا لهم ووسيلة لتحقيق اغراضهم الدنيوية، وقال في الدفاع عن اتجاهه هذا بانه لا يتوقى من فصل الدين عن الدولة الا المحافظة على كرامة الدين وانتزاعه من أيدي محتكريه واعادته إلى ضمير الأمة مخافة أن يصير مع الزمن كما كان في عهد الخلافة آلة بيد المستبدين الظالمين.
وفي خلال السنوات التي سبقت معركة سفاريا (١٢ أغسطس ١٩٢١) وهزيمة اليونان (٦ أغسطس ١٩٢٢) بدأت المعركة التغريبية التي استمرت خمسة عشرة عاما فقد خلع السلطان (نوفمبر ١٩٢٢) وأعلنت الجمهورية (أكتوبر ١٩٢٣) ثم ألغيت الخلافة ووزارة الأوقاف والقوانين الشرعية والمحاكم الدينية، واغلقت المدارس الدينية (مارس ١٩٢٤) ثم الغى الطربوش واستبدل بالقبعة (يوليو ١٩٢٥) ولم يمر على ذلك عامان حتى الغى الدستور وحذفت مادة "الإسلام دين الدولة" وأبدلت الحروف العربية بالحروف اللاتينية (١٩٢٨) وفي العام التالى ألغى تعليم الدين في المدارس (١٩٢٩) وفي عام ١٩٣٣ ألغى قسم الدين من الجامعة وفي العام التالى (١٩٣٤) منع اللباس الشرقى نهائيا وفي عام ١٩٣٧ نص الدستور على أن تركيا دولة علمانية وبذلك ثم اتجاه تركيا نحو الغرب.