الأولى نظامها وترتيبها وطقوسها وآلاتها وأصبح ذلك كله رموزا وأسرارا للكتابة عما يرمون اليه من تربية نفسية وتشييد اجتماعي. وقال: أن المحافل الماسونية لم تجتمع في سلطة عليا الا عام ١٧١٧ في لندن وانتخب أستاذا أعظم لها الدوق دى مونتاجو.
وقد كشف كثير من الباحثين عن الصلة بين الماسون وبين اضطهاد اليهود، فقال أنها تهدف في الأغلب إلى مقاومة التعصب الدينى وخلق جو من السماحة والحرية أمام أعضائها أيا كان ديانتهم وأداء الخدمات لهم. وقد عزا اليها عزيز ميرهم (السياسة الأسبوعية ١١/ ١٢/٢٦) وغيرم أثرها في الثورات وحركات التحرر. فأشار إلى أنها وضعت شعار الثورة الفرنسية (حرية واخاء ومساواة) وأن كبار رجال الثورة كانوا من الماسون أمثال ميرابو وبريسو وكاميل ديمولان ودانتون وأن "لافييت" الذي أملى وثيقة الاعتراف بحقوق الانسان والذى حرر الولايات المتحدة كان من الماسون.
وقال عزيز ميرهم: أن الماسون هم الذين حرروا العالم من سلطان البابوية وفرقوا بين السلطة الدينية والسلطة الدينية للبابا، وأنهم حملوا لواء الحرية الفكرية وهدموا سلطان الكنيسة في ايطاليا وفرنسا وأنالوا تركيا دستورها بفضل محافلهم القائمة بها - وقد اختلفت الكنائس في النظر إلى الماسونية (هامش الصحفى العجوز - الأهرام ٢/ ٦/١٩٣٣) فالكنيسة الكاثوليكية تمقت الماسونية وتحاربها، أما الكنيسة الأنجليكانية فهى على عكس ذلك. ووصف تطور الماسونية في مصر فقالت أنها دخلت في عهد إسماعيل، وكان الخديو من أكبر رؤسائها وكان الأمراء والوزراء وكبار رجال القضاء أعضاء في محافلها. ثم تطورت واتسع نطاقها. وتعددت لوحاتها ومحافلها ودخلها كل من هب ودب. وأشار إلى ما قيل من فوائد الماسونية ومنافعها لأعضائها ومشتركيها وللهيئة الاجتماعية وما قيل "مما لا يصدق عن عقاب من يبوح بتلك الأسرار المقدسة وجزاءه العقاب بالقتل في رائعة النهار بالسم أو السيف والمسدس".
وعارض رأى القائلين بالسرية وقال أن الفضائل يجب أن لا يكون سرا، وأن طبيعة العصر تنافى السرية وأصحاب الأسرار، وأشار إلى أن موسولينى شتت المحافل الماسونية في ايطاليا وتبعه هتلر.
وارتاب لويس شيحو اليسوعى (مجلد ١٥، ص ٣٢٦ - الشرق) في أمر الماسونية فتساءل لماذا "تحتجب عن أعين الناس وتتستر في زوايا الظلمات ولا يجتمع أعضاؤها الا في الليل الدامى في بيوت يحصنونها بالحراس فلا يدخل الا من عرف كلمة الجواز السرية واذا دخلوا كتموا بكل حرص ما يدور بينهم من الأحاديث، وأشار إلى تعارض العمل الخيرى مع الأقسام والأيمان بعدم البوح بالأسرار. وقال (أن للماسونية طقوسا ورتبا وأزياء غريبة ولمسات وخطوات وطرقات وتهويلات في درجاتها العديدة من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثلاث والثلاثين، ومن درجة الرفيق إلى الأستاذ".
وقد كشف معارضى الماسونية وأغلبهم من المسيحيين أنها تهاجم المسيحية وأنها ترمى إلى القضاء على الدين كما فعلت في ثورات ١٧٨٩ الفرنسية و ١٩٢٠ الشيوعية و ١٩٢٦ التركية، وقد ردد الدكتور صروف (المقتطف فبراير ١٩١٠) (اتهام بعض الناس للجمعية الماسونية بأنها حملة سياسية معادية لكل سلطة مدنية) ثم دافع عنهم وقال أن اتهامها بمعاداة الأديان لا يتفق مع وجود عدد كبير من رؤساء الأديان بها وقال: "والذين يعرفون الجمعية الماسونية يعرفون حق المعرفة أنها ليس لها غرض الا أن تساعد أعضائها بعضهم بعضا في أمورهم الزمنية وأن يسعوا في كل ما يعلى شأن البشر ولهم في ذلك مآثر كثيرة".
وقال خصوم الماسونية أن القضاء على سلطان الكنيسة وهدمه والفضل بين السلطة المدنية في البابوية والمسيحية والغاء الخلافة في تركيا كل هذا كان من عمل الماسونية التي هى في نظره جمعية سرية صهيونية قامت وفق بروتوكولات صهيون وتسترت في أغراضها وراء هذا الشعارات والأهداف، وأنها كانت ذات يد في القضاء على كل من وقف أمام الصهيونية كاقصاء السلطان عبد الحميد، ومدحت وهتلر وموسولينى وجمال الدين الأفغانى الذي انشق عن الحفل الماسونى وعارضه وأقام محفلا ماسونيا تابعا للمحفل الفرنسي.
ولقد تأثر الفكر العربي الإسلامي بأفكار الماسونية التي انتشرت في العالم العربي وكان لها محافل متعددة في مصر والشام والمغرب، وكان جمال الدين الأفغانى قد دخل الماسونية ظنا بأنها تخدم أهدافه لتحرير العالم الإسلامي من الاستعمار.
أما في العالم الإسلامي فقد تركزت الماسونية في تركيا على نحو ضخم، وكان لها سلطانها الواضح على جمعية الاتحاد والترقى العثمانية التي قامت نظمها أساسا وفق أنظمة الماسون وكان أغلب أعضائها من الماسون.
وقال الدكتور صروف أنها هى التي بثت في نفوس