ولم يكن للأزهر قانون ينظم الدراسة التي كانت تجرى على أساس رغبة كل طالب فهو الذي يختار درسه ويختار أستاذه، فاذا بلغ قدرا من الكفاءة تقدم باذن من شيخه إلى حلقة يحضرها بعض الطلاب ويشهدها العلماء فيقرأ لهم فان فهموا واستفادوا اقبلوا عليه، وكان ذلك شهادة بأنه من العلماء.
وأول قانون وضع للأزهر (فبراير ١٨٧٢) ينص على نيل شهادة العالمية بامتحان على يد لجنة من العلماء يختارهم شيخ الأزهر، ويقسم العلماء إلى ثلاث درجات: أولى، وثانية، وثالثة، وتصدر بذلك براءة عالمية - والمواد هى: الفقه والأصول، والتوحيد، والبيان، والبديع، والمنطق، ثم زيدت علوم الحاسب والجبر والهندسة والفلك. وفي عام ١٩١١ انشئ مجلس الأزهر الأعلى وهيئة كبار العلماء واقسام التخصص.
٣ - كان لجمال الدين الأفغانى دوره في اصلاح الأزهر فقد دعا إلى اصلاح مناهج التعليم، واتصل ببعض أساتذة الأزهر وخريجيه، ودرس لهم أمهات الكتب في علم الكلام والحكمة والهيئة والتصوف وأصول الفقه كما دعا الأزهريين إلى دراسة التاريخ وقال:
اذا بقيتم على جهلكم بالتاريخ على هذا الحد فلا يمكنكم أن تعرفوا دينكم ولا نجاح لكم في دنياكم. أن قراءة التاريخ واجب من الواجبات الدينية وركن من أركان اليقين فلابد من تحصيله.
٤ - وكان لمحمد عبده دوره الايجابى في تجديد الأزهر واصلاحه اذ استطاع انشاء مجلس ادارة الأزهر وكان هو من أعضائه فترة غير طويلة. وقد أجرى المجلس محاولات لاصلاح نظام التدريس والامتحان، غير أنه لقى عقبات كبيرة في سبيل اجراء اصلاح شامل يقضى على كل أثر للجمود في الأزهر، وكان رأى الجهات المسئولة الواقعة تحت سلطان النفو الأجنبى توقيف التطور باسم التدرج في الاصلاح وقد انتهى الأمر إلى وضع قانون يقوم باصلاح نظام الدروس والامتحان صار به الأزهر ادارة نظامية.
وقد لقى محمد عبده مقاومة ضخمة من الخديو الذي كان نصيرا للاستعمار وحريصا - على أن لا يدخل أي تقديم فكرى من شأنه أن يحرر الأذهان، كما وجد المقاومة من أساتذة الأزهر وعلمائه، الذين كانوا يؤمنون
بنظام التعليم القديم حتى لقد يذهب البعض إلى القول بأنه حين وجه إلى الشيخ عبده القول في مجال الدفاع عن النظام القديم أنه واحد من ثمراته وأنه قد واصل إلى أرقى الدرجات. أن أجاب بأنه اذا كان لى خط من العام الصحيح فانى لم أحصله الا بعد أن مكثت عشر سنين أكنس من دماغى ما علق فيه من علوم الأزهر. وقد حملت دعوة محمد عبده الاصلاحية عملا من شقين: (١) اصلاح الأزهر (٢) الاصلاح الدينى بفتح باب الاجتهاد.
٥ - غير أن هذا النظام الجديد للازهر لم يلبث أن توقف بعد أن وقع الخلاف بين لخديو والشيخ محمد عبده فاستيقظت النزعة القديمة التي وضعها الشيخ الظواهرى وعبر عنها بقوله " الدين كما تركه أنا الائمة. ما سوى من أمور الدنيا وعلوم الاعصر فلا علاقة للأزهر به " وأنكر العلماء التجديد " الذي من شأنه أن يهدم معالم التعليم الدينى ويحول المسجد إلى مدرسة فلسفة وآداب تحارب الدين وتطفئ نوره " ووافق الخديو على ادخال العلوم الحديثة. ورفض الاصلاح الدينى.
ووقف عدد من مشايخ الأزهر منهم (الشربيني والبشرى) ضد الاصلاح مما انتهى إلى الغاء النظام الجديد وأعيد النظام القديم عام (١٩٠٩) وكان من أهم اسباب الاعتراض على النظام الجديد: الزام الطلبة (الامتحان في العلوم الحديثة).
٦ - ربط الأزهر العالم الإسلامي فكان مجال الالتقاء بين شباه مصر والشام والمغرب والترك والسودان والحجاز وجاوة والحبشة والأفغان والهند والعراق وقد بلغ طلابه عام ١٩٠٦ (١٠ آلاف طالب).
وخرج الأزهر أعلاما قاموا بقيادة الفكر العربي الإسلامي في هذه الفترة وما بعدها وفي مصر أمثال: حسن العطار استاذ الطهطاوى والطنطاوى، وحسن الطويل أستاذ محمد عبده، ومحمد عتده، وحسين المرصفى، وسعد زغلول، وأحمد أبو خطوة، وعلى يوسف وإبراهيم الهلباوى، وعبد السلام المويلحى، وإبراهيم اللقانى، والمراغى.
وقد عرف للشيخ حسن العطار موقفه من نابليون حيث انتزع القلادة التي قلده اياها والقى بها إلى الارض في حضرته ورفض أن يقبل تحية محتل لبلاده وقد اشترك