الى الشرق والغرب عن الغاء الخلافة في تركيا وانزال آل عثمان عن عروشهم التي سمت دهرا طويلا على عروش المماليك والامارات والامبراطوريات. حكموا ٧٣٢ سنة فملأوا التاريخ بأعمالهم وبطولة رجالهم وحسناتهم بالرحمة وسيئاتهم بالبطش. منذ ١٥١٧ انقرضت خلافة العباسيين في ارض مصر بعد انقراض خلافة الأمويين بها من قبل وانتقلت هذه الخلافة إلى ال عثمان في الأستانة فتولوها ٤١٧ سنة من حكمهم الذي ابتدأ ١٠٩٢ وانتهى اليوم ١٩٢٤ جلس على عرشهم ٧٢ سلطانا".
ولم تلبث ان قامت في "العالم العربي" حركة فكرية بعيدة المدى: في مصر وفي الحجاز وفي الأردن وفي الهند. ففى مصر أعلن علماء الأزهر ان خلع الخليفة غير شرعى "لأنه صادر من طائفة قليلة" من المسلمين وقال وكيل الأزهر (محمد حسنين) لقد اخطأ الترك اذا ظنوا أن الخلافة عقبة في سبيل ما يريدون من أنظمة الحكم. فان سلطة الخلافة كما تتمثل في فرد يقوم باعباثها تتمثل في ملك خليفة أو سلطان. ثم طالب المسلمين بالنظر في اسناد الخلافة لمن هو أهلها وأحق بها "فان الاجماع منعقد على وجوب نصب الخليفة وأولى الناس بالقيام بذلك هى الأمة المصرية فأن بها علماء الدين والأزهر الشريف".
وقالت الاهرام (٨ مارس) ان الاتراك ارادوا الطفرة والتشبه بغيرهم. وجعلوا معيار عملهم الثورة الفرنسية يقلدونها ناسين ان التقاليد الذي لا يتفق مع اخلاق الأمة ومداركها لا يفضى إلى غير الخراب والدمار.
وقالت آراء أخرى: ان العرب ما انفكوا ينظرون إلى الخلفاء الترك شذرا ويعدونهم المغتصبين للخلافة اغتصابا قد جهد عبد الحميد لاحياء عظمة الخلافة الدينية واسترداد ما كان لها من الجلال والهبة. وقد ظن الغربيون ان مقام عبد الحميد في الإسلام كالبابا في النصرانية.
ولم يلبث شيخ الأزهر (أبو الفضل الجيزاوى) ان دعا في ١٢ مايو ١٩٢٦ إلى عقد المؤتمر الإسلامي للخلافة في القاهرة وذاك "لما كان لزوال الخلافة من الوقع الشديد في أنفس الشعوب الإسلامية. ولذلك أصبح على المسلمين ان يفكروا في نظام الخلافة على قواعد توافق احكام الدين الإسلامي ولا تجافى النظم الإسلامية التي رضيها المسامون نظما لحكم" وقد أرسلت دعوات إلى مختلف بلاد العالم الإسلامي.
وقال "حسن محمود علم الدين" في نداء إلى الأمة المصرية "ان علينا ألا ندع الخلافة تسقط من أيدينا بل علينا ان نتكاتف على رجاء مولانا جلالة ملك مصر في قبولها" وكان الشريف حسين قد اسرع فأعلن نفسه خليفة للمسلمين بعد سقوط خليفة الأستانة ولذلك حرص علماء مصر في نداءاتهم أن يحذروا من بيعة الشريف حسين "اياكم ان تخدعوا بنداءات بيعة الملك حسين بن على صنيعة الانجليز ومانع حجاج بيت الله الحرام من القيام بالفريضة في العام الفائت (الأهرام ١٠/ ٣/ ١٩٢٤) وقد أبرق العلماء إلى الشريف حسين بعمان في التريث في قبول البيعة حتى يتكون رأى عام لإسلامي لجمع كلمة المسلمين على خليفة واحد.
وقد ابلغت حكومة شرق الأردن في ٧ مارس شركة روتر رسميا " ان الملك حسين قبل الخلافة التي عرضها عليه مسلمو العراق وشرق الأردن والحجاز أعلنوه خليفة".
ولكن الجهات الغربية أخذت تبدى رغباتها في أحقية ملوك العالم الإسلامي للخلافة فأعلنت صحف روما (ايطاليا) تأييدها للملك فؤاد وأعلنت انه اذا قيل منصب الخلافة فان المسلمين يقابلون قبوله أعظم مظاهر السرور وتوترات الأبحاث والدراسات واشترك فيها عدد من الكتاب: رشيد رضا ومحمد لبيب البتانونى. وقال بعض الكتاب ان الإسلام "ما رمى بسهم او هى لجلده وأوهن لعضدة وأدمى لكبده من هذا السهم الذي رماه الكماليون على الغاء الخلافة أكبر جريمة في عهد الدولة وأشنع خيانة في تاريخ الإسلام على الإسلام (الأهرام ١٤/ ٣/ ١٩٢٤).
وأشارت جريدة الطان ان الملك فؤاد سيزور فرنسا من شأن الترشيح للخلافة وتركزت الدعوة في مصر حول مطامح الملك فؤاد في الخلافة وأيدها علماء الأزهر وبعض الصحف- ونشرت الأهرام في ٢١ مارس ١٩٢٤ مقالا تحت عنوان "يكون ملك مصر خليفة" جاء فيه ان مصر اليوم أكبر دولة إسلامية وأرقى دول الإسلام طرا وأغناها وأغزرها علما وأعلاها نهضة ولربما يكون رأى كبار علمائها ان يجعلوا الخلافة في وطنهم وفي عرشهم ناظرين إلى ذلك من الوجهة الدينية والاجتماعية.
ويعيب مصر الوحيد- وقد لا تخلو منه مملكة إسلامية- هو وجود جيش أجنبى محتل لأرضها ولكن