هذا الجيش الأجنبى قوة زائلة بحكم السياسة وباعتراف الانجليز.
وكذبت الأهرام ما يدعيه الانجليز من "أتهم لا يتعرضون للخلافة لأنها عمل دينى" وقالت "ان أوربا كلها تهتم بالخلافة اهتماما عظيما لأن نفوذ الخلافة الإسلامية في العالم الإسلامي هو فوق نفوذ البابوية في العالم المسيحى وعملها أكبر اذا عادت هذه الخلافة إلى أصولها ونظمت على الطريقة العصرية. اذا ليس قول الأتراك بأنها لم تنفعهم بالقول الصحيح على اطلاقه".
ودارت أبحاث حول "مفهوم" الخلافة: وتسمى "الامامة" وهى رئاسة عامة في الدين والدنيا قوامها النظر في مصالحة الملة وتدبير الأمة والامام نائب عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم في حياطة الدين وتنفيذ أحكامه. وبصير الامام بالبيعة من أهل الحل والعقد او استخلاف أمام قبله ولا بد مع ذلك من نفاذ حكمه في رعيته (الأهرام- ٢٥ مارس ١٩٢٤).
٣ - وتحدث الانجليز عن رأيهم في الخلافة على لسان لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا السابق الذي قال "قضى لأمر والغيت الخلافة الإسلامية. ثم جاء عرب الحجاز وشرق الأردن فبايعوا الملك حسين بالخلافة وبذا عادت او على الأقل شطر منها إلى الشعب الذي أسسها وأحتفظ بمجدها". وشبه ألغاء الخلافة بقضاء نابليون على الامبراطورية الرومانية المقدسة والغاء سلطة البابا الزمنية. ورأيه انه لا يبعد ان تنقلب الخلافة وتتحول إلى نظام يشبه نظام البابوية وان "محمد على" من كبار مسلمى الهند- يرى ان خير بديل للخلافة هو ان تختار جمعية مؤلفة من رجال الدين ألمستقيمى السيرة في البلدان الإسلامية رجل لا ثروة له ولا مال ويسند اليه منصب الخلافة. وانه ليس بين ملوك العرب من هو جدير بملء الفراغ الذي حدث بعد خلع الخليفة التركى، وان السلطة الزمنية قد أخذت تنهار في كل مكان وقد جاء الآن دور العقيدة لكى يظهر تأثيرها مرة أخرى". (الأهرام ٢٨ مارس ١٩٢٤).
ولم يكن الخلافة فؤاد وحده طموحا لمنصب الخلافة، بل ان قلينى فهمى يذكر في مذاكراته (جـ ١) ان عباس حلمى كان شغوفا بأن يكون يوما ما خليفة للمسلمين وانه استخدم لتحقيق هذا الغرض وسائل جمة منها استخدام نفوذ مسلمى الشام والأناضول. وانف مبالغ طائلة في هذا السبيل وقال قلينى فهمى ان أول من دفعه إلى هذه الفكرة هو الشيخ محمد عبده. "ولذلك تخلص الباب العالى منه".
ودعا محمد لبيب البتانونى إلى الاسراع للعمل من أجل الخلافة حتى "لا يدعو الملك حسين لنفسه في الحجاز والعراق وشرق الأردن والسلطان يوسف في مراكش والامام يحي في اليمن. والادريسى في عسير وابن السعود في نجد وابن سعيد في عمان وأغاخان في الهند والبهاء في العجم والسنوسى في مجاهل لوبيا والميرغنى في السودان ولا نبعد ان نسمع بالدعوة للورد هلدن في انجلترا".
٤ - وكان للحجاز دورها في الخلافة فان الملك عبد العزيز آل سعود كان في هذه الفترة قد استولى على الحجاز وأنهى فيه حكم الشريف حسين وأولاده. ولذلك دعا إلى عقد مؤتمر إسلامي بمكة وأرسل إلى ملوك الأفغان والعراق والى شاه ايران ورئيس الجمهورية التركية والامام يحيى ورئيس المجلس الإسلامي المقدس وجمعية الخلافة في بومباي وجمعية الحديث في أمر تستر بالهند وجمعية الخلافة في دلهى وباى تونس ورئيس حكومة طرابلس وبدر الدين الحسينى وبهجت البيطار في دمشق وجاوه برقية (٢٢ أبريل ١٩٢٦) لعقد مؤتمر الشعوب الإسلامية في مكة.
وقد تم انعقاد مؤتمر مكة وألقى الملك عبد العزيز خطاب افتتاحيا جاء فيه قوله:
"تفاقم البغى والعدوان بعد زوال سيادة الدولة العثمانية من هذه البلاد وخلوص أمرها إلى الشريف حسين بن على آخره أولئك الأمراء فاضطرب العالم الإسلامي كله من استبداده وظلمه، ومن عجزه عن توطيد الأمن في البلاد من جعلها تحت السيطرة الأجنبية غير الإسلامية. جعل نفسه عاملا موظفا لبعض الدول الأجنبية. وكنا معشر النجديين جيران الحجاز عرضة لبغية وايذائه لنا. منع أداء فريضة الحج وأغرى بعض رعايانا بالخروج علينا. وقد ثبت بالتشاور مع أهل الحل والعقد انه يجب علينا انقاذ مهد الإسلام من بغية وظلمه وعزمنا على ذلك".
وقال ان المسلمين قد أهلكهم التفرق في المذاهب