للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمشارب فائتمروا في التأليف بينهم والتعاون على مصالحهم وعدم جعل اختلاف المذاهب والأجناس سببا للعداوة والبغضاء"

وكما ان مؤتمر مكة لم يؤد إلى نتيجة ما فان مؤتمر القاهرة الذي عقد في ١٣ مايو ١٩٢٦ لم يؤدى أيضا إلى أى نتيجة اذ انتهى إلى تقرير ان الخلافة الشرعية المستجمعة لشروطها المقررة في كتب الشريعة الغراء ومن أهمها الدفاع عن حوزة الدين في جميع بلاد المسلمين وتنفيذ أحكام الشريعة الغراء فيها لا يمكن تحقيقها بالنسبة للحالة التي عليها المسلمون الآن.

وقال أحمد شفيق في حولياته (جـ ١ ص ١١١): ان جمعية الخلافة أعلنت عدم صلاحية مصر لا نعقاد المؤتمر العام للخلافة بها ووجوب انعقاد المؤتمر بمكة المكرمة لأنها خالية من النفوذ الأجنبى. وأرسل مؤتمر الخلافة الإسلامية برقية إلى مؤتمر مكة المكرمة راجيا ان يوفق في وضع نظام للحكم في البلاد المقدسة وقال أن عمل هذا المؤتمر في نظر البعض هو تأكد سقوط الخلافة وعدم قدرة المسلمين على جمع كلمتهم وتوحيد أعمالهم لدرء الأخطار التي تتهددهم وتعبث بكيانها الدينى والسياسى وقال انه استقر الرأي على وجوب الخلافة وتعذر ايجادها بين المسلمين وانه كانت هناك مآرب خاصة لفئة من ذوى النفوذ في مصر وقال رجال السياسة ان رجال الدين ليسوا ذوى اختصاص وان الفشل حالفهم.

٥ - وقد واجه الفكر العربي هذه المعركة مواجهة لها وجهين واضحى الخلاف، فوجه كان يهدف إلى تأييد قيام الخلافة ووجه يعارض في اعادتها. أما الذين يؤيدونها فقد كانوا مختلفين في شخص الخليفة، بعضهم يرى ان الملك عبد العزيز آل سعود أحق بها لوجوده في بلاد الحجاز مهد الإسلام والبعض يؤيد قيامها في مصر والبعض الآخر يرى ان تقوم خلافة عربية.

والأزهر الرسمى الذي أيد الخلافة لحساب الملك فؤاد وله معارضة لرايه من أربعين أزهريا وقعوا مذكرة أعربوا فيها عن ان مصر لا تصلح دارا للخلافة لتسلط الانجليز عليها ودعا بعضهم إلى ان يعقد مؤتمر الخلافة في مكة المكرمة.

وكان لرأى الشيخ على عبد الرزاق دوى حين أصدر كتابه (الإسلام وأصول الحكم) معارضا أعتبار الخلافة أصل من أصول الإسلام. وكان مصدر الدوى ان الكاتب منسوب إلى حزب الأحرار الدستوريين الذي كان يعارض عودة الخلافة أصلا لاتجاه دعاته إلى التغريب، ولأن الحزب بالذات كان يحارب رغبة الملك فؤاد في الخلافة.

ولقد أعلنت صحيفة السياسة تبل صدور كتاب على عبد الرازق رأيهما في الخلافة (٢ فبراير ١٩٢٩ وما بعدها) اذا أعلنت ان مسألة الخلافة تمس سياسة الدولة وان الدستور ينص على انه لا يجوز للملك ان يتولى مع ملك مصر أمور دولة أخرى بغير رضاء البرلمان ولذلك فان أمر بحث الخلافة هو من عمل السياسيين وليس رجال الدين.

وقال على عبد الرازق ان البلاد التي تهتم بالخلافة هى البلاد التي يحركها الأجنبى وان الذين يتولون أمر البحث في الخلافة رجال لا يملكون لأنفسهم أمرا ولكن يحركهم غيرهم فيتحركون (السياسة ١٣ مارس ١٩٢٦)

وقد شغلت الصحف العربية وصحف مصر بالذات بالخلافة بين مؤيدة ومعارضة، وظهر أكثر من كتاب في هذا الموضوع من أهمها كتاب رشيد رضا (الخلافة أو الامامة العظمى) وهو تأييد الخلافة وكتاب على عبد الرزاق (الإسلام وأصول الحكم) في معارضتها ثم ظهر مؤلف بعد فترة الدكتور عبد الرزاق السنهورى يدعو إلى ان تحل محل الخلافة عصبة أمم إسلامية.

١ - وقد كشف رشيد رضا في كتابه عن انه هناك ثلاث جبهات تقف ازاء الخلافة الأول وهم (١) المجددون او (المتفرنجون) يرون ان الذين لا يتفق في هذا العصر مع السياسة والعلم والحضارة. وهم يرون أن تكون الحكومة غير دينية وهمن موجودون في تركيا ومصر وسوريا والعراق والهند.

٢ - الفقهاء الجامدون: وهم الذين يرفضون القول بالاجتهاد المطلق في كل المعاملات الدنيوية ولو فوض اليهم أمر الحكومة لعجزوا عن ان ينهضوا به.

٣ - المؤمنون بالاجتهاد والاصلاح وهم الذين يجمعون بين الاستقلال في فهم فقه الدين وحكم الشرع الإسلامي وهم القادرون على ازالة الشقثق من الأمة وذلك باحياء منصب الامامة وان موقفهم الوسط من شأنه ان يجذب المستعدين لتجديد الأمة من الطرفين.

وقد بين رشيد رضا ان الخليفة في الإسلام ليس

<<  <   >  >>