الا رئيس الحكومة المقيدة، لا سيطرة ولا رتابة له على أرواح الناس وقلوبهم، وانما هو منفذ للشرع وطاعته محصورة في ذلك فهى طاعة للشرع لا له نفسه، فالخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم ولا هو مهبط الوحى ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة. وبين الفارق بين الخليفة عند المسلمين وبين البابا عند المسيحيين الذي ينفرد بتلقى الشريعة ويستأثر بالتشريع.
٤ - أما "عبد الرازق" في كتابه الإسلام وأصول الحكم وقد حاول اثبات ان الخلافة نظام ابتكره المسلمون ولم يكن له أصل في الشريعة. وان الخلافة ليست من الدين في شئ وانما هى خطة دنيوية صرفة لا شأن للدين بها فهو لم يعرفها ولم ينكرها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة. وان رئاسة النبى كانت رئاسة دينية جاءت عن طريق الرسالة فما انتهت الرسالة بموته انتهت الزعامة وما كان لأحد أن يخافه في هذه الزعامة. وان بيعة أبو بكر كانت بيعة سياسية ملكية عليها كل طابع الدولة المحدثة.
ويقول الدكتور م. محمد حسين (الاتجاهات الوطنية- ـ ٢) بان على عبد الرازق تأثر في مراجعه وآرائه بالمستشرقين وبالكتاب الذي أصدرته الحكومة التركية لتبرر به الغاء الخلافة وهو (الخلافة وسلطة الأمة) الذي ترجمه عبد الغنى سنى عن التركية وقد وضعته لجنة من كتاب الترك باشارة من الكمثليين.
٥ - ويتجه كتاب الدكتور عبد الرازق السنهورى (الخلافة وتطورها أتصبح عصبة أمم شرقية) الذي ألفه بالفرنسية إلى محاولة ايجاد نظام بدلا من الخلافة يجمع شمل المسلمين، وطالب الدكتور السنهورى بتطوير نظام الخلافة فيصبح عصبة أمم شرقية.
وقد أشار إلى ان الإسلام الذي يعنيه هو تلك الثقافة الإسلامية التي أثارت جوانب العالم في ظلمات القرون الوسطى "فالثقافة الإسلامية لا الدين الإسلامي هو الذي يعنينى. ذلك ان الذين يؤمنون بتعاليم الدين هم المسلمون أما الذين ينتمون إلى الثقافة الإسلامية فأولئك هم أولاد ذلك الوطن الإسلامي الكبير. وقد وسع المسلمين والنصارى واليهود، وقد عاشوا جميعا تحت علم الإسلام طوال هذه القرون".
وتطلع الدكتور السنهوى إلى ان نتخطى الشريعة الإسلامية أعناق القرون فتصبح شريعة العصر تتسع لمقتضيات الحضارة وتصبح شريعة الشرق دون تمييز بين دين ودين".
ولقد تجدد الحديث مرة أخرى في شأن الخلافة بعد توقيع معاهدة ١٩٣٦ وتولى فاروق الملك، واتسع نطاق هذا الحديث عام ١٩٣٨ بعد ان صلى فاروق الجمعة في الأزهر الشريف برؤساء وملوك الدول العربية.
وقد تناولت الصحف الموضوع تناولا يكشف عن وجهات النظر المختلفة. أما الصحف الفرنسية فقد أعلنت (٢٤/ ٤/ ١٩٣٨ الأهرام) بأنها تخشى ان تؤدى اعادة الخلافة إلى تأليف كتابة من الدول الإسلامية تقف في وجه الدول الأوربية. وان فرنسا تهتم اهتماما كبيرا بالمسألة وبما ان الخلافة ستعاد يوما ما فلا بد ان ذلك مع فرنسا وضدها، ولما كانت المسلحة تقضى بان تكون مقرها القاهرة. وان فرنسا هى أشد الدول الأوربية تفاهما مع المسلمين ولاسيما مع المصريين.
وقالت صحف ايطاليا (٢/ ٦/ ١٩٣٨ - الأهرام) ان القاعدة الأساسية للسياسة البريطانية في القسم الشرقى من البحر المتوسط وفي الشرق الأدنى عامة هى الدفاع عن طريق الهند وحماية منابع البترول في العراق وغيرها. وقد كانت انجلترا حتى الأمس تخشى ان تصبح مصر دولة قوية على رأس البلاد العربية، ولكنها غيرت سياستها ازاء الخطر الايطالى وأصبحت تؤيد اسناد الخلافة إلى مصر على أمل تأليف كتلة في البلدان العربية خاضعة لنفوذها وقصدها من وراء التوصل إلى تعزيز مركزها ومقاومة الدعاية الايطالية وتأمين طريق الهند وحماية منابع البترول في البلاد العربية.
وأشارت جريدة سئمتا (روما- عن الأهرام ٩/ ٢/ ١٩٣٩) ان على ماهر والشيخ المراغى يعملان على اعادة الخلافة إلى الملك فاروق. وان المناداة بخليفة جديد لا يمكن ان يكون من الحوادث المفاجئة ولا يتم الا اذا اجتمع مؤتمر الإسلامي ورأي في الأحوال الحاضرة ان فارق هو الأصلح والأجدر. وهل يوافق ملوك