ان الناطقين باللغة العربية تختلف لغتهم العامة باختلاف الاصقاع والفرق بين لغة مصر والشام ليس بأقل من الفرق بين الفصحى والعامة، فاستبدال الفصحى بالعامية المصرية يحرم كل قطر من الانتفاع بانتاج القطر الآخر.
ان اغفال الفصحى يستوجب اغفال كل ما كتب عنها من العلوم منذ ١٣٠٠ سنة وهى خسارة لا حد لها.
لا يعقل ان امة لها لغة شهيرة ذات حروف منتشرة وانتاج ضخم وتراث كبير تترك حروفها هذه لتكتب بحروف غربية.
الجامعة العربية قائمة بالمحافظة على اللغة الفصحى اذ لولا القرآن لتشتت شمل الشعب العربي.
الاختصار في الكتابة العربية مزية لها.
ان الحروف العربية التي تستعمل في سائر العالم العربي هى أهم مظاهر الوحدة.
ان اللهجة العامية منحطة لانحطاط عقول الناطقين بها ولا تقوم مقام الفصحى في اللغة العربية أرقى لغات العالم.
وقد رد جرجى زيدان على ويلم ويلمور (هلال فبراير ١٩٠٢) فقال "هم يشيرون علينا أن نتخذ اللغة العربية العامية بدلا من اللغة الفصحى في الكتابة فأى اللغات العامية يريدون أن نتخذ. لغة مصر أم لغة الشام أم لغة العراق أم لغة الحجاز أم اليمن أم نجد أم المغرب. فان لكل من هذه البلاد لغة خاصة لا يفهمها عامة البلاد الأخرى، فغن قالوا الفوا لغة تشترك بين هذه اللغات قلنا أن اللغة لا تتألف بالتواطئ، وانما هى جسم ينمو نموا طبيعيا على مقتضى ناموس الارتقاء. واسهل منه أن نبقى على اللغة الفصحى وهى ام لغاتنا العامة وأقرب إلى افهمنا من لغة جديدة ملتقطة من أفواه الأمم".
فان قالوا: ان كل امة من هؤلاء لها لغتها، فالسورى يكتب لغة عامية الشام والمصري لغة عامية مصر كان ذلك رأى القائلين بانحلال العالم العربي وتشتيت شمل الناطقين بالضاد. زد على ذلك المسلمين لا يستغنون عن تعلم اللغة الفصحى لمطالعة القرآن والحديث، وأن ما ينطبق على اللغة العربية وفروعها يختلف عما ينطبق على اللغة اللاتينية وفروعها، وأن استبدال اللغة الفصحى باللغة العامية ضربة قاضية على العنصر العربي وعلى العلم في اللغة العربية وأن لغة العامة لا تكفى للتعبير عن القضايا العلمية الا باضافة الألفاظ العلمية الجديدة، أما اللغة اللاتينية فلا تنطبق أحوالها على أحوال لغتنا الفصحى ولا يجوز القياس عليها .. وأن الفرق بين اللغة اللاتينية وفروعها أبعد كثيرا من الفرق بين اللغة العربية الفصحى وفروعها العامة.
وانه يكفى للشرق ما يعتوره من أسباب الشقاق حتى لم يبق له جامعة غير هذه اللغة فبالله الا أبقيتم عليها
وقال: أن تعليم الفصحى ليس بالأمر الشاق الذي يقتضى الأعوام الطوال، أما استبدال الحروف العربية الاعتيادية بالحروف الافرنجية فلا نرى له نتيجة سوى زيادة التعقيد بتطويل الكلمة وتلبك قراءتها.
٢ - وعلق الدكتور صروف في المقتطف (فبراير عام ١٩٠٢) فقال: ان اقتصار المتعلمين في مصر والشام على الكتابة باللغة المصرية وشيوع الكتب والجرائد فيما ولاسيما في السنوات الأخيرة واعتياد أكثر الذين يعرفون القراءة على مطالعة الجرائد، كل ذلك عضد اللغة المعربة وقواها حتى صار اهمالها متعذرا ان لم يكن مستحيلا، لذلك لا نطمع في الكتابة المحكية الآن ولا نشير بها. ولكنا نطمع ونشير بالتوسع في اللغة المكتوبة حتى يدخل فيها كلمة محكية لا تقابلها كلمة فصيحة مألوفة، ونطمع ونشير بالتوسع في التعريب حتى تجارى لغتنا لغات أوربا لذلك فاهتمام القاضى (ولمور) ومن جرى مجراه بضبط اللغة المحكيه جاء بعد أوانه.
ورد على قول ولمور: أن أصحاب الصحف أولى من غيرهم بكتابة اللغة المحكية فقال (أن أرباب الصحف احرص الناس على اللغة المعربة).
وقال: أن الذين انتقدوا على الكتابة العربية راوا خلوها من الحركات ولا ندرى كيف ذهب عنهم ان هذا الاختصار في الكتابة العربية مزية. وقال ان (ولمور) عنى يجعل الحروف دالة على الأصوات وهو عناء باطل، لأن أصوات اللغة تعد بالمئات ونحن نكتفى بعشرين أو ثلاثين حرفا لدلالة عليها كلها
٣ - وكتب عبد القادر حمزة (البلاغ الاسبوعى - ١٩٢٨) بمناسبة سماعه محاضرة في الكولج دى فرانس