لا علاقة البتة بين الدين وبين المجتمع وقال أن الذين يقولون بأن للدين أثر في المجتمع واهمون فان المجتمع قائم على أمران: القوانين الوضعية والمعاهدات والنظم الموروثة "فما دخل الدين اذن في النظام الاجتماعى"؟
وقد عرض كثير من كتابنا لرأيهم في الاستشراق والمستشرقين:
من ذاك ان محمد كرد على رئيس المجمع العلمى بدمشق الذي القى في القاهرة (٧ مايو ١٩٢٧) محاضرة بمدرسة المعلمين العليا امتدح فيها المستشرقين بأنهم خدموا اللغة العربية باخراج ذخائرهم وتعريف المعاصرين من أهلها بمجد اسلافهم وذكر عشرات من مستشرقي كل مملكة واسماء أمهات الكتب التي كان لها الفضل في طبعها .. وقال أن الاستعمار كان سببا من أسباب عناية الأوربيين بد راسة اللغات الأجنبية عامة والشرقية وفي مقدمتها العربية خاصة ورد عليه عبد العزيز شاويش فقال ان المستشرقين في العصر الحديث قد أصبحوا دعاة للاستعمار وقال ان تأدبهم بأدابا العرب لم يزدهم الا جفوة وغلظة وعقوقا.
وقال ان المستشرقين انما يتفوقون بما يجدونه من مساعدات مادية ومعنوية فهم يسيرون فة البحث العلمي تتقدمهم مدافع حكوماتهم واموال أوقاتهم المرصودة لخدمتهم. وقال ان المستشرقين مع كل امتيازاتهم قل منهم من يفقه آداب اللغة وأسرار الإسلام ومنهم من يظن أن أكل لحم الجمل من الفروض الإسلامية وطبع احدهم كتابا عن القرآن ملئ بالأخطاء في اللغة وان مستر فاولا مدير دار الكتب المصرية طعن في القرآت في محاضرة القاها فة مؤتمر المستشرقين فة الجزائر سنة ١٩٠٥.
وتساءل الدكتور على العنانى (الهلال م ٤٠ ص ١٣٩٣) عن عناية المستشرقين بالأدب العربي وهل هة خالصة للعلم. وقال ان الغربيين الذين يكتبون في أوربا عن الشرق ينقسمون إلى قسمين: قسم يكتب في الناحية السياسية. وقسم يكتب فة الناحية العلمية.
وهذا القسم الأخير ينقسم إلى فريقين (١) فريق تحرر أفراده من الهوى في مباحثه العلمية (٢) وفريق تغلب عليه العواطف المغرضة، والقسم الأول مهمته الاشادة بعظمة أوربا والحط من كرامة الشرق لتقرير نظرية دوام وصاية أوربا على الشرق، والقسم الثاني: على القارئ الشرقى أن يتعرف روح كتابته ويفرق بين الكاتب الذي يتأثر بعاطفة مخصوصة وبين الذي يكتب للعلم مجردا من أيه عاطفة" ومؤدى الرأى التشكيك في أغلب ما يكتب المستشرقون.
أما" روحى فيصل (الرسالة ع ١١١ ص ١٢٣١) فيرى أن بين المستشرقين طائفة معتدلة قد أخلصت في دراستها الاخلاص كله. فنظرت إلى الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والى كل ما انتجه الشرقيون من دين وعلم وفلسفة نظرة مجردة عن الهوى كما يتطلبها البحث العلمى الحديث الا أن بعض أفراد هذه الطائفة أن عدوا لا يتجاوزون عدد الأصابع وهم ازاء الكثرة الهائلة المغرضة من المستشرقين لا يذكرون شيئا وقد قيل أن النادر لا حكم له".
وقد عنى محمد كرد على بالدفاع عن المستشرقين والاشادة بفضلهم من: سلفتر دى سياسى (زعيمهم) الأول) إلى اليوم نتيجة لعملهم (فى الكشف عن تراثنا الذي كنا نجهله وطبع المخطوطات العربية) غير أنه عاد فاعترف بخطر أعمالهم فقال (الرسالة ع ١١٤ ص ١٤٧٧) أني مولفق على ما قاله (روحى فيصل) في تزييف بعض من تعلموا لغات الشرق الا أننى لا أغمط حق العاملين منهم. أعلم أن كثير منهم يعملون لسياسة بلادهم وأن منهم دعاة دين متعصبين يتخذون الاستشراق ساما لخدمة دينهم على نحو ما فعل أسلافهم في القرون الوسطى".
أما الدكتور حسين الهراوي فقد هاجم المستشرقين بمناسبة تعيين "فنسك" عضوا في المجتمع اللغوى المصري (نوفمبر ١٩٣٣) فقال (الهلال م ٤٢ ص ٣٢١): اذا قلبت أي: كتاب اجتماعى أو عمرانى باللغة الأجنبية يتكلم عن مصر أو الشرق أو الإسلام وجدت اشياء كثيرة لا يقرها عقل ولا يستسيغها منطق وليس من الحقيقة في شئ. ويلفت نظرك بصفة خاصة ما يوصف به الدين الإسلامي من الصفات التي لا تبو فقط عن الذوق السليم والحقيقة. با ان الكتاب الأوربيين يصورون الإسلام بصورة بشعة غريبة لا تكاد تقرأها حتى يقشعر بدنك من هول ما تقرأ.
وقال: كنت اطالع هذه الكتب التاريخية فأجد فرقا كبيرا عندما يكتب عن التاريخ القديم كوصف مصر القديمة وآثارها وسوريا وتاريخها والعراق وماضيها. فاذا تكلمت عن الجزء الإسلامي أو حياة سيدنا محمد (ص) أجد تحريفا ظاهرا واضحا وتشنيعا كثيرا.
وقال: اطلعت على تقرير لجنة العمل المغربي الذي كتبه المستشرق سيكارو يصف طرق مقاومة الإسلام وهو واحد من التقارير السرية التي يرسلها المستشرقون من البلاد المستعمرة إلى حكوماتهم لمقاومة الإسلام لأنه روح يتنافى مع الاستعمار والتقليل من أهمية اللغة العربية وصرف الناس عنها باحياء اللهجات المحلية في شمال