واقامت بريطانيا "الاتحاد الانجليزي المصرى" برئاسة الدكتور زكى أبو شادى الذي أعلن في الصحف (٥/ ١٢/١٩٢٦) أن هدف الاتحاد "تنمية روح الولاء والمحبة بين مصر وبريطانيا ودعم حسن التفاهم الذي جنينا منه خير الثمرات" وأن الاتحاد الانجليزي المصري يعتمد على الوسائل الثقافية والاجتماعية.
وفي ميدان الصراع الفكرى بين الثقافتين, أقام الفرنسيون مؤتمرا لكتاب اللغة الفرنسية من الشرقيين اشترك فيه الكتاب المصريون (يونيو ١٩٢٧)
وقال رئيس المؤتمر أن ازدياد عدد الشرقيين الذين يختارون اللغة الفرنسية للتعبير عن أفكارهم دليل على ما لفرنسا من النفوذ.
وجرت مساجلات بين منصور فهمى والصاوى محمد في الأهرام بعنوان "من السين إلى النيل" علامة على الروابط الفكرية بين كتاب مصر الذين أطلقوا على فرنسا وطنهم الروحى، وفي حادثين هامين كشف الفرنسيون عن موقفهم الحقيقى من أن الثقافة الفرنسية أنما هى عامل من عوامل الغزو والسيطرة واحلال التبعية. وكشف الكتاب المصريون في الثانى عن مفاهيمهم الحقيقة ازاء فرنسا.
الأول: الغاء الامتيازات الاجنبية ١٩٣٧ بعد توقيع معاهدة ١٩٣٦.
والثاني: سقوط فرنسا تحت برائن الغزو الألمانى ذلك أنه عندما عقدت بريطانيا مع مصر معاهدة ١٩٣٦ وقفت عقدت بريطانيا مع مصر معاهدة ١٩٣٦ وقفت فرنسا في وجه الغاء الامتيازات وهددت بريطانيا بالاستيلاء على جميع المعاهد والمؤسسات التابعة للدول المختلفة وادارتها بمعرفتها.
وكانت فرنسا تخشى أن يضعف توقيع المعاهدة نفوذها في مصر بعد الغاء المحاكم المختلطة ولذلك واصلت حملاتها لتثبت "النفوذ الفكرى الفرنسي" في مصر ومن ذلك ما كتبه (أوكتاف اوبرى) في الأهرام (٩/ ٤/عام ١٩٣٦) حيث يقترح على فرنسا أن ترسل بطريق الجو الصحف والكتب الفرنسية حيث أنها عن طريق البحر يقتضى وصولها تسعة أيام أو عشرة أيام. وأن عليها أن تزود دور السينما بالأفلام الفرنسية لنافسة الدور الأخرى التي تعرض الأفلام المختلفة. وقال أن على فرنسا أن تبذل الجهود للمحافظة على الارث المتصل اليها من فرنسا القديمة ومقاومة الادارة البريطانية التي توجد فلى وجهها عراقيل شديدة.
وتوالت أقوال الصحف الفرنسية مؤكدة ضرورة الاستمرار في غزو العالم العربي عن طريق التعليم والترتية, ولذلك أسرعت فرنسا فأرسلت مسير هرير رئيس مجلس النواب الفرنسي وقال طه حسين عميد كلية الآداب اذ ذاك بمناسبة زياراته (٥/ ٥/١٩٣٨) "ان فرنسا لها صبغة مشهورة اذ أنها أقدر الأمم على توثيق الصلات بينها وبين أمم الأرض". وقال الدكتور هيكل وزير المعارف أذالك موجها كلامه إلى مسيو هرير: حين تزور بعض البلاد الأجنبية ويلقاك أهل البلاد بما أنت اهل له من الكبار انما يكرمون فيك فرنسا التي تمثلها أصدق مثل وارعه. تمثل حبها للخير ورغبتها في السلم. تمثل شعورها الممتاز. الم تقل في مقدمة كتابك البديع عن مركز فرنسا في العالم أن الحياة الفرنسية يجب أن تقوم على أصلين اساسيين: احداهما مراعاة المنفعة المحققة, والآخر الوفاء بالعهد "ثم لم تلبث فرنسا أن دعت الدكتور طه حسين إلى جامعة ليون (١١/ ٩/١٩٢٦) وانعمت عليه بنيشان جوفة الشرف من درجة أوفسية "تقديرا لمواهبه الأدبية وتوثيقا لعرى التعاون الفكرى بين فرنسا ومصر" وقال طه حسين هنالك: ان مصر مدينة بكثير من الفضل لفرنسا, ووصفت جريدة البروجرية طه بانه "رينان مصر الضرير" أو "رينان الإسلام" وقالت انه ألف عددا من الكتب في مختلف الموضوعات مبينا فيها الأفكار اليونانية المنقولة إلى العبرية ثم إلى العربية. ومنها إلى الحضارة الغربية حيث ازدهر في علم الأدب الفرنسي وكيف رسخت فيه الأفكار الفرنسية فأعطاها في بلاده قوة شديدة مؤثرة" وهكذا صورت صحافة فرنسا مفهوم طه حسين الحقيقى للثقافة الغربية وقال الدكتور طه: نحن مع تعلقنا بفرنسا بالفكر والقلب نحافظ على اتفاقنا الصادق مع انجلترا (معاهدة ١٩٣٦) فانها برت بوعدها لنا بمساعدتنا على توطيد أركان استقلالنا الوطنى, ووصف طه حسين ايمانه بانجلترا وحرياتها الدمقراطية وقال أن على مصر أن تتوخى السير في سن الحضارة الغربية والرقى الديمقراطى ناهجة نهج فرنسا وانجلترا في الأقرب العاجل.
وأشارت جريدة البروجرية إلى العناية التي تبذلها قرينة طه حسين لعونته وما كان لها من شأن عظيم في حياته وانها قد هددت خطاه منذ كان في مونبيليه.