داخل دولابها الآلى الرهيب, أن هذا الدولاب الدائب الدوران تفعل البخار والكهرباء أو الذرة قد غدا في ذاته قيمة أساسية تقاس بها كل القيم في مجتمع الغرب.
وقد أصبحت دول الغرب برمتها شوهاء الصورة "من الداخل" إلى حد مخيف, بعد أن سيطرت حضارة الالية الديناميكية سيطرة عمياء بلهاء لا هدف لها ولا ناموس الا مجرد التطور الآلى الذاتى, هذا التطور, بل هذا الاندفاع الذي يسن لنفسه بنفسه قانون حركته مستقلا عن روح الانسان ومعنوياته كلها مع أنها تراث الآلاف من
السنين, وما دامت الثقافة هى صورة حية للنفس الانسانية في جهادها الدائب من أجل الاستعلاء وجهادها المنبثق من الداخل العميق الاغوار فلنا أن نحكم تبعا لذلك بان أوربا أمريكا محكومتان بدوافع شخصية آلية أو لا شعورية همياء وليس بدوافع ثقافية عميقة واعية.
وتسائل (جون وودف) ماذا يبتغى الانسان من وراء السيطرة على الطبيعة, وكشف أسرار الحياة: هل الهدف هو أن نسود الطبيعة أم تسودنا الطبيعة, هل الهدف حين نهتك أسرار هذه الحياة سرا وراء سر أن نشقى بهذه الحياة أم أن نسعد بها نحن والأجيال القادمة.
وهكذا تبدو "الحضارة الغربية" وهى تتحول إلى موقف الانهيار الذي وصفها به شبنجار في كتابه احتضار الغرب):
فقد كان مذهب ماقبل الحرب الأولى هو مذاهب الدم والحديد, مذهب بسمارك وهو ذات المذهب الميكافيلي القديم القائم على نظرية "الغاية تبرر الواسطة" وبعد الحرب ظهر تعصب مذهبى جديد كان اقسى تطرفا:
ممثلا في الشيوعية والفاشية والنازية مع التعصب المذهبى المصطنع بصبغة قومية مسرفة وانقسم العالم إلى معسكرين خصيمين هما: الدكتاتورى والراسمالى.