وأوقف الاستعمار اعانة الكتاتيب الأهلية وكان عددها ٩٦٤٧ كتابا.
كما حاصرت سلطات الاحتلال التعليم الثانوى والعالى فلم يكن بعد ١١ سنة من الاحتلال (١٨٩٣) سوى ثلاث مدارس ثانوية أميرية.
وعمدت بريطانيا إلى عدم السماح للوطنيين بالانضمام إلى هيئة التدريس ومحاربة الأزهريين ومعلمى الدين واللغة منهم والحيلولة دون تسرب أبناء الفقراء إلى معاهد العلم حتى يظل التعليم قاصرا على أبناء الأغنياء الذين هم صنائع المستعمر أصلا والذين يدينون له بالثروة والحكم والبقاء، وذلك في سبيل اعداد جيل (مغرب) متفاهم، يلتقى بالاستعمار لقاء الصداقة لا الخصومة وهو الجيل الذي سيطر فعلا على الحكم في العالم العربي في الثلاتينات من هذا القرن.
٤ - صور اللورد كرومر منهجه في التعليم في تقرير عام ١٩٠٠ (المقتطف مايو ١٩٠٠) على انه وسيلة للاستخدام في وظائف الحكومة قال: ينظر كثيرون من الناشئة المصرية المتعلمة إلى الاستخدام في وظائف الحكومة كغاية لهم. المدارس التي أنشدها وأرغب في أن أراها هى التي تعلم فيها القراءة والكتابة والحساب باللغة العربية ويكون الغرض منها تعليم الصنائع. لابد لجعل التلامذة يقومون بجانب من نفقات تعليمهم. يسرنى أن أقول أن نظارة المعارف رأت مضار التعليم المجانى وحاولت تلافيها من سنوات. ففى ١٨٧٩ كان الذين يتعلمون مجانا لا اقل من ٩٥ في المائة من التلامذة الذي يتعلمون في مدارس الحكومة. في السنة الماضية كان عدد التلاميذ الذين يدفعون أجرة التعليم ٩٨.٥ في المائة في المدارس الابتدائية و ٨٦% في الثانوية وأرجو أن يستمر هذا الأمر حتى يبطل التعليم المجانى تماما. الذين يتعلمون لغات أجنبية ٥٩٤٥ منهم ٨٥ في المائة يتعلمون اللغة الانجليزية. لابد من تعلم من هؤلاء لغة أجنبية ذلك أنه ليس في العربية كتب للتعليم في بعض العلوم. أن اجتهاد الذين يهمهم أمر التعليم. يجب أن يكون مصروفا إلى ترقية التعليم الابتدائى بواسطة "الكتاتيب" الاحصاء الآخر دل على أن ٨٩.٥ في المائة من الذكور و ٩٩.٧% كم الاناث لا يعرفون القراءة والكتابة يبلغ عدد الكتاتيب في القطر المصري ١٩٤٠٤ أعانت الوزارة ٢٤٦ كتابا منها.
وهكذا يكشف تقرير كرومر عن روح الاستعمار البريطانى في مصر من ناحية التعليم على نحو واضح الدلالة وهى:
لانصراف من التعليم العالى إلى الكتاتيب.
الغاء التعليم المجانى والقضاء على تعليم أبناء الفقراء.
التعليم باللغة الانجليزية والقضاء على اللغة العربية.
تخريج موظفين فقط.
٥ - أدى اهمال التعليم على أساس قاعدة "جهل الشعوب نافع للاستعمار وأنه بانتشار التعليم يصعب حكمهم" على حد تعبير أحمد شفيق في كتابه "مصر الحديثة ونفوذ الأجانب" إلى انحطاط مدرسة الهندسة والطب فقد وكل الأمر فيها إلى أساتذة من الانجليز "لم يكونوا يحملون شهادات تؤهلهم للعمل فيها حتى قل تلاميذ مدرسة الهندسة، فلم يكن فيها عام ١٨٩٤ سوى ١٧ طالبا وكذلك مدرسة الحقوق التي ضعف التعليم فيها بعد أن عزل كرومر المشرفين عليها من العلماء الفرنسيين وتولاها "رجال من الانجليز لم تكن لهم الكفاءة المطلوبة".