للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمعاء. ومن ثم آمن اتباع محمد بن عبد الوهاب بأنهم الدم الجديد في الوطن العربي. وبذلك تحولت الدعوة إلى حركة تحميها دولة.

وأعلن الوهابيون أن سبيل الاصلاح، هو العودة إلى منابع الإسلام الأولى، وتنقية الدين من البدع الدخيلة عليه والايمان بعقيدة التوحيد الخالص، وكان محمد بن عبد الوهاب تلميذا لمذهب أحمد بن حنبل وقد تأثر أفكار ابن تيمية وابن القيم الجوزية. واتيح له أن يطوف في انحاء العالم الإسلامي ويزور بالذات بغداد وكردستان وهمزان وأصفهان وقم وهى معاقل الشيعة التي كانت تحمل لواء الأفكار التي هاجمها ووجدت رسائل لابن تيمية مكتوبة بخط محمد بن عبد الوهاب.

وقد انتهت المرحلة الأولى للحركة الوهابية بهجوم (محمد على) على الحجاز، حيث بدأت الحملة المصرية الأولى ١٨١٣ وانتهت. وقد أخذ على الوهابيين أنهم لم يكونوا على استعداد حربى حديث مما مكن لمحمد على هزيمتهم وقد أخذ عليهم المؤرخون عدم اتصالهم بالحضارة أو التفاتهم إلى الثقافات الغربية وأن برنامجهم في الاصلاح السياسى والاجتماعى لم يكن محققا لمواجهة الغزو الغربى، وقيل أن الدعوة لم تكن سلمية محضة، وأنما كانت تواجه خصومها بالعنف وتستحل دماءهم وأموالهم وكان ذلك من الوهابية خروجا على سماحة الإسلام.

٤ - وفي اليمن: ظهر " محمد عبدالله الشوكانى " الذي تأثر بابن تيمية وابن حزم وقد نشأ على مذهب الزيدية في الفروع. وفتح باب الاجتهاد وحارب التقليد وذهب إلى تحريمه، ودعيا إلى الاجتهاد وترك زيارة القبور وألف كتابه المعروف " نيل الأوطار " الذ تسرح فىه مؤلف ابن تيمية " منتقى الأخبار ".

وقد أثارت آراؤه في عدم زيارة القبور معركة حيث قال:

" كم سرى عن تشييد بنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكى لها الإسلام. منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جاب النفع، ودفع الضرر، فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجح المطلب وسألوا منها ما يسأل العباد من ربهم، وشدوا اليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا ".

وقد وقف من خصومه موقفا صلبا، واعلن أن

المذاهب جميعها سواء، ولا يخص مذهب الزيدية منها. وأن مذهبه في العقائد هو مذهب السلف.

٣ - وظهر: أبو الثناء محمود شهاب الدين " الألوسى " (١٨٠٢ - ١٨٥٤) في العراق على نفس النهج التجديدى في الفكر العربي الإسلامي المعاصر. وهو مفتى بغداد وأمام العراق في اللغة والدين والتفسير وله " روح المعانى " في تفسير القرآن الدينى يمثل مذهبه وقد أثارت آراءه غضب العلماء التقليديين فسعوا سعيهم ضده فعزل عن منصب الافتاء. جمع في كتابه " روح المعانى " من ثلاث طرق: طريقه السلف، وطريقة المتكلمين، وطريقة المتصوفة، ورد على آراء فخر الدين الرازى.

ولم يلبث أن ظهر من آل الألوسى، عالم آخر سار في نهج التجديد الدينى هو " محمود شكرى الألوسى " ١٨٥٦ - ١٩٢٤ الذي يمم نفس الطريق الذي سلكه علماء نجد في الدعوة إلى تطهير عقائد الناس من البدع والخرافات وفتح باب الاجتهاد، معرضا نفسه للخصومة العنيفة مع رجال التصوف في وقت كان فيه أبو الهدى الصيادى شيخ الصوفية: مستشارا للسلطان عبد الحميد وقد لقى من العنت ما لقى كل من دعاة التجديد الدينى في الفكر العربي الإسلامي، من محاربة واضطهاد حيث كان الاستبداد والنفوذ الأجنبى يلتقين في جبهة واحدة لتحطيم التجديد الدينى وتحريره من جمود التقليد، فأصدر عبد الحميد أمره بنفى شكرى إلى الأناضول، غير أن أنصاره في الموصل استطاعوا أن يحولوا بينه وبين المنفى.

٤ - محمد بن على السنوسى الكبير، سمع الدعوة الوهابية في مكة فاعتنقها، وعاد إلى الجزائر يبشر بها، ويؤسس طريقته في المغرب. وقد صرف صدر عمره في مكة، ثم عاد بعد الخمسين إلى برقة، حيث مضى يؤسس الزوايا ليبث تعاليمه بين أهل البادية.

وكان أبرز معالم دعوته: العودة بالإسلام إلى منابعه الأولى، كما حملت السنوسية لواء الجهاد، ومقاومة الاستعمار الايطالى، حينما هاجم طرابلس وكان لتعاليم الدعوة أثرها الضخم في الفداء.

فقد نهىى السنوسي عن حياة الترف، وحيازة الذهب والجواهر.

وفي السودان: حمل المهدى لواء الدعوة إلى التجديد الدينى على نحو أقرب إلى التجرد السياسى، وقد قاوم الاستبداد ممثلا في سلطاته المفروضة على أهل السودان.

<<  <   >  >>