وقال فكرى أباظة: أن الصحفى المصري عندنا يطعن حسب الظروف ثم يمدح اذا تغيرت الظروف، يندفع في كلتا الحالتين. وينسى أن يحفظ اتزانه حفظا لخط الرجعة في المستقبل.
وقال: حذار أن تقول أن في مصر جريدة على الحياد بين الأحزاب وان وجدت جريدة على الحياد فاعلم انه حياد ضعيف لا قيمة له.
وقال أن أى صحيفة كانت تقول في الهجوم على صحيفة أخرى: الجريدة الصفراء النكراء، جريدة الخونة، ودعاة التردد والهزيمة، وعن أى كاتب"الغبى الأحمق المأجور".
وقال مصطفى الرافعى: لو عرفت الصحف وأهلها لرأيت أن العمل فيها من أشق الأعمال على النفوس الكريمة فهذه ليست صحفا وانما هى حوانيت تجارة. وأنه لا يقتل النبوغ شئ كالعمل في الصحافة فأن أساس النبوغ العمق والتغلغل في أسرار الأشياء، أما الصحافة فلها أساس غير هذا، وحالة الجمهور تجعل للصحافة عندنا مكانا طبيعيا لرجل السياسة قبل غيره.
وقال زكى مبارك: أن عشرات من الكتاب اشترت الحكومات المختلفة أقلامهم وقيدت مواهبهم وأغرتهم بالمرتب الثابت وكانت اجدى عليهم من شرف العمل لتحرير البلاد.
ويرجع الباحثون ضعف الصحافة إلى أنها خضعت لسيطرة جهات متعددة منها الإستعمار والقصر والأحزاب والحكومات، ثم خضعت لسلطان رأس المال والاعلان، وكان هذا في أيدى عملاء الصهيونية وأن عددا كبيرا من كتاب الصحف المصرية لم يكونوا من المصريين ولذلك لم تكن عواطفهم وطنية، وكان أغلب أصحاب الصحفيين ومحرريها من غير المصريين أعوانا الحاكم والمستعمر، وقد صور هذا النفوذ الكاتب البريطانى (بولسون نيومان) في كتابه (بريطانيا العظمى في مصر) يضاف إلى هذا ولاء المثقفين للطبقة الحاكمة وللنفوذ الأسرى والاقطاعى الموالى للانجليز.
وقد كان للاستعمار أثره في الصحافة فهو صانع هذا الاتجاه من النفاق والهزل والسخرية والتخدير وخداع الجماهير والتميع والبلبلة.
وقد أثر النفوذ المادى الصهيونى على الصحافة من جهة الاعلانات اذ كان الذين يتولون أمور الدعاية بالاعلانات والمقالات والأخبار في الصحافة العربية يهودا صهيونيين من أعداء العرب (نقولا حداد).
وترى جريدة السياسة الأسبوعية (١٩/ ٣/١٩٢٧) أن الصحافة هى التي خلقت التيارات السياسية في البلاد وعليها تبعة ما في التربية السياسية من مفاسد، وقد صورت جريدة المانشستر جارديان بعض الصحف المعارضة في مصر (٢٣/ ٣/١٩٢٩) بقولها: من الغريب في مصر أن الجريدة التي لا ترعى كرامة الصحافة تباع كالكعك الساخن بسبب مقالات تنشرها لبعض مشاهير الكتاب يستعمل فيها كل ما في حافظته من عبارات القذف والكلام البلدى البذئ والسباب.
وقالت جريدة فريكفدرتر نستبونج أن معظم الصحف في أيدى مسيحى لبنان الذين يحاولون تقليد أوربا ويميلون إلى فرنسا على الخصوص.
ولا ينسى في هذا المجال الصحف التي صدرت لحساب أفراد أو غايات خاصة ووصفت "بأنها وصلت إلى أحط درجات المهانة، وهوت إلى حضيض الوضاعة والخسة. وخرجت عن الآداب العامة وعمدت إلى نهش الأعراض والتعرض للشخصيات واثارة الغرائر" ويغزو بعض الباحثين إلى الاستعمار، هذا التطاحن الذي أثير بين الصحف وجعلها منقسمة تجرى وراء الرزق والمورد فلم تستطع التحرر كلية للعمل الوطنى، وقد أصدرت الحكومات الخاضعة لىستعمار في العالم العربي في مختلف البلاد العربية القوانين المقيدة للحرية الصحفية.
ولم تطبق هذه القوانين الا على الصحف الوطنية، وعلى صحف المعارضة في أبان حكم خصومها.
ولا شك كان الاستعمار يركز على الصحافة المصرية وأهدافها ويعزلها عن الأمة العربية ويخلق بها أجواء البلبلة التي يستغلها في الوطن العربي كله نظرا لنفوذها فيه، ولم يكن الصراع بين الصحف المحايدة كالأهرام والمقطم لحساب الوطن العربي بل كان صراعا بين نفوذى بريطانيا وفرنسا.
واذا كان المقطم قد عنى بالشئون العربية فانه كان انما يحمل وجهة نظر بريطانيا فيها.
وكانت الصحف المحايدة تؤيد الأفكار الغريبة وتذيعها بصرف النظر على قدرة البلاد على التطور.