للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نازلى تعريضا بها. وقد أشير على جريدة المقطم بأن تكتب ستة مقالات عنه تنفذ اخطاء قاسم أمين في هذا الاتجاه. ودفاعه عن الحجاب واستنكاره اختلاط الجنسين وأوقفت الحملة بعد اتفاق الشيخ محمد عبده وسعد زغلول مع قاسم أمين على تصحيح رأيه. وقد حمل الشيخ محمد عبده الدعوة إلى تحرير المرأة في دروسه في الرواق العباسى حيث أعلن مرارا أن الرجل والمرأة متساويان عند الله.

وقد ترددت آراء كثيرة بأن الشيخ محمد عبده كتب بعض فصول هذا الكتاب أو كان له دور في مراجعتها، ومما أورده لطفى السيد أنه اجتمع في جنيف عام ١٨٩٧ بالشيخ محمد عبده وقاسم أمين وسعد زغلول، وأن قاسم أخذ يتلو على الشيخ فقرات من الكتاب تحرير المرأة وصفت بأنها تنم عن أسلوب الشيخ محمد عبده نفسه. وقد صدر الكتاب عام ١٨٩٩ ومعنى هذا أنه أمضى ثلاث سنوات في اعداده.

وقد قوبل كتاب (تحرير المرأة) بضجة قوية. وألف العلماء لجنة للرد عليه برئاسة محمد حسنين البولاقى. وانبرى للرد عليه طلعت حرب فريد وجدى حيث أصدر كل منهما كتابا في معارضة آراء قاسم.

وقد تراجع فريد وجدى شيئا ما عن آرائه غير أنه ظل محتفظا برأيه في حجاب المرأة حتى ردده مرة أخرى عام ١٩٣٣ في مقالات له بالاهرام وقد أنشأت زوجته مجلة واشتغلت بالسياسة، ومما قاله محمد فريد وجدى

(المرأة المسلمة-١٩٠١) أن الحجاب ضرورى للنساء لصالح النوع الانسانى كله على العموم، وصلاحها على الخصوص، لا ينقص المرأة المسلمة لكى تبلغ أكمل نقطة يمكن ان ينالها جنسها الا تعلم مبادئ العلوم الضرورية وان اشتغال المرأة في اشغال الرجال قتل لمواهبها واطفاء لمكانتها.

وقال فريد وجدى: أن وظيفة المرأة هى حمل ووضع وارضاع وتربية.

وأن تعليم الأم لابد أن يشمل تربية الطفل وتربية ملكاته، وقال ان علينا "أن نعمل كل ما يمكننا لتقترب المرأة من كمالها وتدخل إلى حدود وظيفتها وان تعتبر أن كل ما يبعدها عن هذه الوظيفة داء اجتماعى يجب التغلب على ملابساته أو بذل الجهد في حصره في محله وان كل امرأة مهما قيل انها مكتشفة لمنجم أو باحثة في الميكروبات أو علم التشريح أو غير ذلك ناقصة وعاصية للطبيعة وخارجة عن حدود وظيفتها" وأن للمرأة كمالا خاصا بها لا يتأتى لها الحصول عليه البتة الا اذا صارت زوجة وأما تلد وتربى وتدير البيت. وان كان شئ يبعدها عن وظيفتها ينقص من كمالها ويؤثر عليها تأثيرا سيئا. ولا تكون الأمة كاملة الا اذا توزعت فيها الأعمال على العاملين كل على حسب استعداده ووظيفته الكونية.

وقال فريد وجدى عن الحجاب: أنا لا أفكر في الحجاب شرا ولكنى أعتقد أنه مانع من شر أكبر فهو بهذا الاعتبار يعتبر خيرا، وانه لا يمنع من التهذيب. وشبيها من هذا كان رأى طلعت حرب، وهو للتاريخ: ضد سفور المرأة وحده، ولم يكن ضد تعليم المرأة كما ورد خطأ في مقال للصحفى العجوز بالاهرام (هامش سبتمبر/١٩٣٢) ومجمله ان الحجاب لا يحول دون تعليم المرأة.

وكأنما كان كتاب قاسم أمين قنبلة عنيفة الانفجار احتاجت إلى أكثر من عام ونصف تشغل الصحف اليومية والأسبوعية وقد وجد قاسم في الشباب مؤازرا وفي مقدمتهم إبراهيم رمزى الذي أنشأ مجلة خاصة لمقاومة آراء خصوم قاسم أمين وعبد الحميد حمدى الذي أنشأ مجلة السفور من بعد، وفي خلال ذلك، كان رأى قاسم مؤيدا في دوائر اللورد كرومر وصالون نازلى فاضل. ولكنه كان مكروها في دوائر اللواء والحزب الوطنى والقصر.

وظل قاسم خلال هذه الفترة صامتا يجمع النقود الموجهة إلى آرائه ويعد الرد عليها وكان ثمرة ذلك كتابه الثانى:

"المرأة الجديدة" الذي أهداه إلى سعد زغلول. وقد تناول فيه أسانيد الخصوم وفحصها ورد عليها.

وقد كان في كتابه الثانى مثل ما كان في كتابه الأول حصيفا، تسلح بضبط النفس وبعد قلمه عن الهوى والعاطفة ومضى يقنن بأسلوب العلم وفق منطق العقل كل رأى. ولم يتناول رأيا جديدا ولكنه وضح بعض الجوانب خاصة في الموضوعات الرئيسية: الحجاب وتعليم المرأة والطلاق وتعدد الزوجات.

ولقد كان مجمل رأى خصوم قاسم: أن تحرير المرأة يناقض أصول الدين بينهما اعتمد هو في كتابه الأول على نصوص الدين: القرآن والحديث، وقد كان الفرق بينه وبين خصومه في هذه المعركة أنهم حملوا عليه بعنف وتركوا لعواطفهم العنان في تجريحه واتهامه ولم

<<  <   >  >>