للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ، فَقَالَ: «لَا

===

النصارى فكأنه أراد ألا يتحرك في ذلك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه، لكن قد يقال: إذا كان سوق الجواب للمنع فالتردد بين كونه حرامًا أو مكروهًا موجود فلا يستقيم نفي التردد، إلا أن يقال: نفى التردد بين كونه مباحًا أو ممنوعًا، وأثبت فيه المنع والتردد بعد ذلك بين أقسام الممنوع لا ينافيه، ولذلك جزم في المجمع أن سياق الحديث لا يناسب الإذن وإنما يناسب المنع، وقد يقال: إنه للإذن ومحط الكلام هو الطعام، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعام تشتبه فيه النصارى وإنما يختلج دين أو خلق، "تشبه فيه النصاري" يعني أن التشبه الممنوع إنما هو في الدين والعادات والأخلاق لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل أحد، والتشبه فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين، وقد أذن الله تعالى فيه قوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (١)، فالتشبه في مثله لا عبرة به ولا يختلج في الصدر حتى يسأل عنه، وأجاب الطيبي بأن جملة "ضارعت"جواب شرط محذوف أي إن شككت شابهت فيه الرهبانية والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي، والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنفية السهلة السمحة، فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية (٢).

وأجاب بعضهم على رواية: "لا يتخلجن في نفسك شيء" بأن المراد بشيء: شيء من الشك والريبة لا شيء من الطعام، وجملة: "ضارعت" صفة له


(١) سورة المائدة: آية (٥).
(٢) عون المعبود (١٠/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>