للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ: " أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ «زَادَ ابْنُ يَحْيَى،

===

وبعضهم عصاة، والقول بأن معصية الفرق الناجية مطلقًا مغفور بعيد جدًّا.

أجيب: بأن المراد أنهم في النار؛ لأجل اختلال العقائد فمعنى وواحدة في الجنة، أنهم لا يدخلون النار لأجل اختلال في العقائد أو المراد بكونهم في النار طول مكثهم فيها وبكونهم في الجنة أن لا يطول مكثهم في النار، وعبر عنه بكونهم في الجنة ترغيبًا في تصحيح العقائد.

قلت: بقي أنه يلزم أن لا يعفى عن البدعة الاعتقادية كما لا يعفى عن الشرك؛ إذ لو تحقق العفو عن البدعة لا يلزم دخول كل الفرق المبتدعة في النار، فضلًا عن طول مكثهم وهو مخالف لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١) أجيب: بأن المراد أنهم يتعرضون لما يدخلهم النار من العقائد الردية ويستحقون ذلك، فليتأمل.

قلت: ويحتمل أن المراد أن الغالب في تلك الفرق دخول النار، والغالب في هذه الفرقة دخول الجنة، فيندفع الإشكال من أصله، وقيل: المراد الافتراق مطلقًا أعم من أن يكون بالعقائد والأعمال، وقوله: "في النار أنهم يستحقونها والواحدة الناجية هي التي لا تستحق النار أصلًا فتكون في الجنة ابتداء استحقاقًا، وعلى هذا فمن يستحق النار من أهل السنة بسوء عمله معدود في الفرق المستحقة للنار والله تعالى أعلم.


(١) سورة النساء: الآيتين (٤٨، ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>