ثم قد جاء بيان هذه الفرقة بأنهم على "ما أنا عليه وأصحابي" في رواية الترمذي (١)، فقيل: المراد في العقائد أو في العقائد والأعمال جميعًا، وأورد عليه أن الصحابة قد اختلفوا حتى استحل بعضهم قتل بعض كما في الحروب، فلا يمكن أن يراد جميع الصحابة ولا دلالة للحديث على بعض معين، والحمل على بعض ما يؤدي إلى أن من يكون مع علي نصف النهار يحارب معاوية، ومع معاوية النصف الثاني يحارب عليًّا، ويفعل كل يوم كذلك من غير دليل يكون على طريق ولا يقول به عاقل.
قلت: هذا لا يراد ساقط على تقدير تخصيص هذا القول بالعقائد؛ إذ اختلافهم في العقائد المطلوبة في الدين غير ثابت، نعم، على تقدير العموم يتراءى وروده لكنه ساقط بعد التأمل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأهواء" تنبيهًا على عدم لزوم ما خصه الله تعالى به على الناس، وأن الناجية هي التي تكون على طريقته - صلى الله عليه وسلم - الأحكام العامة لا في خواصه، وإلا فكون المكلف على طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - يكفي في النجاة بلا ريب، نعم، ما ثبت من أفعال الصحابة بالدليل أن التمسك به من اتباع طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مندرج فيه وما لا فلا تكليف لأحد به والله تعالى أعلم.
(١) الترمذي في كتاب الإيمان (٢٦٤١) وقال: هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه.