للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً بحماية مريديه من الاضطهاد على أيدي القبائل غير المسلمة في أول عهد الإسلام. وهناك عشرات الاحاديث النبوية التي تدعو المسلمون لمعاملة اهل الكتاب من اليهود والنصارى احسن معاملة، وقد حرم على المسلمين ايذاءهم أو الاعتداء على املاكهم، أو معابدهم، أو اكل حقوقهم. وكل عهد يعطي لغير المسلمين من النصارى واليهود، عهد يستوجب التنفيذ حسب الشريعة الإسلامية، وقد عاهد الخلفاء المسلمون النصارى واليهود على كثير من الامور بعد انتهاء الحرب، فتضمنت عهودهم (حمايتهم، والحفاظ على حريتهم الشخصية والدينية، وإقامة العدل بينهم والانتصاف من الظالم) (١). وجاء في الحديث (من ظلم معاهداً، أو كلفه فوق طاقته فانا حجيجه) (٢). ولهذا قرر الإسلام المساواة بين الذميين والمسلمين. فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وكفل لهم حريتهم الدينية، وذلك بعدم إكراه احد منهم على ترك دينه. قال الله تعالى في سورة البقرة الآية ٢٥٦ {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}. ومن حق اهل الكتاب ان يمارسوا شعائر دينهم فلا تهدم لهم كنيسة ولا يكسر لهم صليب، يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (اتركوهم وما يدينون). بل من حق زوجة المسلم (اليهودية والنصرانية) ان تذهب إلى الكنيسة أو المعبد، ولا يحق لزوجها في منعها من ذلك.

فإحترام ما تقرره الأديان والعقائد هذا من الأسس الأولى لا نتدخل في شؤونهم حتى أن الإسلام بلغ من التسامح ذروة أنه لا يفرض عليهم الأشياء التي يحرمها الإسلام إذا كانت مباحة عندهم ... مثل أكل الخنزير وشرب الخمر، الخمر أم الخبائث عند المسلمين ومن الكبائر والموبقات ولكن الإسلام يقول للذمي: مادام دينك أباحها لا نحرمها وكل ما في الأمر لا تروجها عند مسلم. ويعتبر الخمر والخنزير في مذهب الإمام أبي حنيفة مالا متقوما من أتلف خمرا لذمي يهودي أو نصراني عليه أن يغرم ثمنها. وفي أيام دخول التتار إلى دمشق أسروا ناس من المسلمين ومن اليهود ومن المسيحيين وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومعه جماعة من علماء المسلمين عند هولاكو يطلبون منه فك الأسرى فقالوا له سنطلق لك سراح


(١) - السيد سابق / المصدر السابق - ص ٦٦٩
(٢) السيد سابق / المصدر السابق، ص٦٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>