للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآشوريين في عهد حكام يهودا واسرائيل (١). ويقول شبنجلر: "لم يكن الكلدانيون وغيرهم بحاجة إلى إختلاق ما يدللون به على سطوتهم، فهم - في ظل آلهتهم ـ غزوا العالم وأخضعوه. أما اليهود، فلم يكن لديهم إلا تأليفهم الأدبي، فتشبثوا به، وحولوه إلى برهان نظري على عظمتهم تعويضاً عن غيبة أي دليل موضوعي إيجابي ملموس. وفي التحليل النهائي، يظل ذلك التأليف للتاريخ كنز اليهود الوطني وهو كنز مدين بوجوده لكونه ظل الاستجابة التي استجابوا بها لشعورهم بصغر شأنهم، (٢) وضياعهم وحاجتهم المستمرة لمخلص، والذي حاول كهنتهم شد أزرهم وتعزيتهم بأن المسيح المنتظر سيأتي ليضع حداً لمعاناتهم وتشتتهم.

[رؤيا الخلاص والمسيح اليهودي]

كان اليهود طوال تاريخهم، كلما نأى بهم التشتت عن ارض فلسطين، كلما اشتعلوا حنيناً إليها، وازدادوا تشبثاً بفكرة مجيء المخلص الذي يجمع شمل التائهين المشردين، ويعيدهم إلى فلسطين. "هكذا قال رب الجنود: هاأنذا اخلص شعبي من أرض المشرق، ومن أرض مغرب الشمس، وآتي بهم فيسكنون في وسط أورشليم ويكونون لي شعباً، وأنا أكون لهم ألهاً" (سفر زكريا ٨).

وكانوا كلما اشتد اضطهادهم، أو كلما اشتدت معاناتهم من الشعور بالاضطهاد، كلما ضري الأمل في صدورهم وقوي الرجاء في نفوسهم، بأن إلههم يهوه سيفتقدهم ويجمعهم من الأراضي التي تشتتوا فيها، ويأتي بهم إلى فلسطين، فالنبي حزقيال يعبر عن رغبة يهوه (الرب) بافتقادهم وعزمه إلى إعادتهم، بصور من الحلم - النبوءة، حيث يقول: "كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة، هكذا افتقد غنمي أخلصها من جميع الأماكن التي تشتتت إليها، أخرجها من الشعوب واجمعها من الأرضي وآتي بها إلى أرضها .. وأرعاها على جبال


(١) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر - طبعة ١٩٩١ - ص٥٣
(٢) السحر في التوراة والعهد القديم - شفيق مقارـ ص٣٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>