للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلوكهم. كما ازداد في عهدهم الاهتمام باللغة العبرية بشكل كبير جداً، "حتى جعلها بعضهم اللغة الوحيدة للصلاة وتلاوة الكتاب المقدس، وأقترح بعضهم أن يتضمن منهج التعليم العام في المدارس الثانوية دراسة العبرية، وظهرت لديهم نزعة التخلي عن المبادئ الخلقية المسيحية واستعاضوا عنها بالعادات والأخلاق اليهودية، بل إن إحدى مجموعاتهم المتطرفة دعت الحكومة الإنجليزية لإعلان التوراة دستوراً للقانون، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فأعتنق اليهودية، أما الذين بقوا على مسيحيتهم فقد أخذوا ينظرون بعطف متزايد إلى أولئك الذين أطلقوا عليهم أسم شعب الله القديم "اليهود" (١). وقد انتشرت الحركة البوريتانية بمبادئها وأفكارها، خارج بريطانيا، وكان نشاطها الطويل نواة للاهتمام البريطاني بالمسألة اليهودية.

[المطالبة بإعادة اليهود إلى فلسطين]

كان من نتائج انتشار البروتستانتية في إنجلترا، ظهور حركة منظمة تنادى بإعادة اليهود إلى فلسطين. ففي عام ١٦٤٩م قام اثنان من الإنجليز المقيمين في أمستردام برفع عريضة إلى حكومتهم يطلبون فيها بذل جهد مشترك مع هولندا لتوطين اليهود في فلسطين، حيث جاء في العريضة: "ستكون هذه الأمة الإنجليزية مع سكان الأراضي المنخفضة (هولندا) أول الناس وأكثرهم استعدادا لنقل أبناء إسرائيل وبناتها إلى الأرض التي وعد بها أجدادهم إبراهيم وأسحق ويعقوب كإرث باق أبداً" (٢). ولم تكن هذه الأفكار سائدة في إنجلترا وحدها في هذه الفترة، بل إنها امتدت إلى المناطق الأخرى من أوروبا والتي أصبحت البروتستانتية راسخة الأقدام فيها مثل هولندا والدنمرك ومجموعة الدول الاسكندنافية. ولكن بالرغم من أن هذه الأفكار كانت تخبو من حين لآخر، ولاقى الكثير من المؤمنين بها الازدراء والتعذيب، إلا أن الكتابات الكثيرة التي روجت لهذه الأفكار ساعدت على تعزيز فكرة العودة اليهودية إلى فلسطين.


(١) الصهيونية غير اليهودية: جذورها في التاريخ الغربى/ تأليف ريجينا الشريف؛ ترجمة احمد عبالله عبد العزيز -ص ٥٣ - المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب، ١٩٨٥م. الدورية: عالم المعرفة؛ ٩٦
(٢) الصهيونية والصراع الطبقي ـ د. صادق جلال العظم ـ ص ٥٤ - دار العودة، بيروت، ط ١، ١٩٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>