في عام ١٩٩٨م افتعلت الإدارة الأمريكية مشكلة مع العراق لإيجاد مبررات لضربه وتدميره، فيما عرف وقتها بازمة القصور الرئاسية، حيث قوبلت هذه المحاولة الأمريكية برفض دولي واسع، تدخل على أثرها كوفي عنان وتوصل لحل لها. وفي حينها قمت بنشر دراسة في جريدة القدس العربي بعنوان (البعد الديني للضربة الأمريكية للعراق) بينت فيها الإبعاد الدينية لضرب العراق وحصاره، وتساءلت في نهاية الدراسة بالقول: نجاح مهمة عنان .. هل ينهى المشكلة؟؟ وقلت: "بعد الانتهاء من كتابة هذا الموضوع، تناقلت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة نبأ توصل أمين عام الأمم المتحدة (كوفى عنان) لاتفاق مع القيادة العراقية، فيما يتعلق بالمشكلة القائمة، حيث رحبت جميع دول العالم بهذا الاتفاق، باستثناء أمريكيا وبريطانيا، حيث كان ذلك واضحاً من خلال تصريحات مسئوليها، الذين تلقوا نبأ الاتفاق بحذر وبوجوم شديد بدا واضحاً على وجوههم، مما يعنى أنهم إن قبلوا بالحل السلمي، فإنهم سيقبلونه على مضض، نتيجة الرفض الدولي المنقطع النظير لاستخدام القوة ضد العراق، ونتيجة لاقتناع دول العالم بأن قضية تفتيش القصور الرئاسية التي افتعلتها أمريكا، ما هي إلا حجة وذريعة استخدمتها لتحقيق أمر ما في نفس يعقوب.
وتابعت قائلاً: وهنا لابد من التساؤل، هل انتهت المشكلة التي افتعلتها أمريكيا مع العراق، وهل سيتخلص الشعب العراقي من الحصار الجائر المفروض عليه منذ سبع سنوات، وهل ستكف أمريكيا عن ملاحقة الدول العربية والإسلامية وفرض الحصار والعقوبات عليها!! بالتأكيد لا، وسنرى جميعاً في الأيام القادمة مشكلة جديدة ستفتعلها أمريكا لتنفيذ ما تريد سواء مع العراق أو مع إيران أو سوريا .. الخ (١). هذا ما كتبته قبل تسع سنوات، ثم جاءت الأحداث لتبرهن على صحته. وأنا
(١) راجع الإعداد المنشورة في جريدة القدس العربي ـ أكتوبر ١٩٩٨ م.