للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحكم العالم من صهيون، أي القدس، وما القدس الدنيوية سوى رمز للقدس الأخروية!

٥. واجهت الكنيسة، ابتداءً من القرن الحادي عشر الميلادي، ظهور هرطقات في جنوب فرنسا، فظهرت جماعات ثنوية تؤمن بوجود إلهين: إله الخير وإله الشر. وكان بعضهم يذهب، شأنه شأن الغنوصيين، إلى أن هذا العالم من خلق الإله الصانع (الشرير)، كما كانوا ينزعون منزعاً واحدياً روحياً ينكر أية حقيقة للمادة. وقد جردت الكنيسة أول حملة صليبية ضدهم عام ١٢٠٨، وتبع ذلك تأسيس محاكم التفتيش الرومانية (مقابل محاكم التفتيش الإسبانية) عام ١٢٣٣. ولا شك في أن أحساس الكنيسة بأنها مهددة ساهم في تصعيد حمى الحرب. (١)

[الحملة الصليبية الأولى]

بدأت هذه الحملة حين دعي البابا إربان الثاني (١٠٨٨ ـ ١١١٨)، وكان فرنسياً، لمجلس في كليرمون في ١٨ نوفمبر ١٠٥٩، حضره أساقفة من جنوب فرنسا، كما حضره آخرون من شمالها ومن أماكن أخرى. وألقى البابا خطاباً أشار فيه إلى بؤس الكنيسة البيزنطية، وتهديد الحجاج المسيحيين، وتدنيس الأماكن المقدَّسة. وحث هؤلاء الذين يعكرون السلام في الغرب على أن يوجهوا قواهم القتالية لخدمة غرض مقدَّس. كما أشار إلى إمكانات الحصول على الثروة من أرض تفيض باللبن والعسل، فصاح الجميع باللاتينية (ديوس وولت) deus volt، أي) الله يريد ذلك). ثم تتالت الأحداث وجاء المتطوِّعون من كل أنحاء أوربا، ولكنهم جاءوا أساساً من الأراضي الفرنسية وشبه الفرنسية مثل اللورين وجنوب إيطاليا وصقلية. وقد جُرِّدت الحملة الأولي (١٠٩٦ ـ ١٠٩٩) التي دعا إليها إربان الثاني في مؤتمر كليرمون (٢)، وهي الحملة الوحيدة التي حققت بعض النجاح لأنها أخذت المسلمين على حين غرة. وقد بدأت الحملة بما يُسمَّى (حملة الفلاحين الشعبية) التي قادها بطرس الراهب والفارس ولتر المفلس، وقد ضمت في صفوفها حشداً كبيراً من الفلاحين وصغار


(١) الموسوعة الصهيونية - د. عبد الوهاب المسيري المجلد السادس ص ١٠٣
(٢) ما الحروب الصليبية - جوناثان ريلي سميث- ترجمة د. محمد الشاعر-ص٢٨ - دار الامين للنشر والتوزيع- ط١ ١٩٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>