للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعوب غير قادرة علي حماية مواردها والاستفادة منها؟ (١). هذا ما حاول المفكر (روجيه جارودى) الإجابة عليه في كتابه (أمريكا طليعة الانحطاط) بقوله: "أصبحت الولايات المتحدة هي منظومة الإنتاج التي يقودها المنطق التكنولوجي والتجاري، والتي يشارك فيها كل فرد منتجاً أو مستهلكاً، في غاية وحيده هي تنمية مستوى المعيشة كمياً. وهكذا كانت كل هوية ثقافية أو روحيه أو دينيه تعتبر مسألة شخصيه فرديه تماماً لا تتدخل مع مسيرة النظام ... واتسع المجال بذلك أمام تفشي الخرافات وانتشار الطوائف والهروب إلى المخدرات أو الشاشة الصغيرة، بينما غطى كل ذلك صبغة تدعى الدينية، وهي (الببوريتانيه) الرسمية أو التطهيريه الرسمية، التي تتعايش مع كل أنواع انعدام المساواة وكل المذابح والجرائم، بل وتمدها بالتبرير والغطاء الديني" (٢).

[النازية في ثوب جديد]

في كتابه (الفردوس والقوة .. أميركا وأوروبا في النظام العالمي الجديد)، يشير الكاتب الأمريكي (روبرت كيغان) إلى وجود ما يدعوه بـ (سيكولوجيات القوة والضعف)، دون أن يقر بأن بعض تلك السيكولوجيات يمكن أن تتعارض مع مباديء السلوك الحميد، حيث يرى أن الاحترام والتأثير الذي يجب أن تحظى به الأمم في العالم يجب أن تكون متوازية بالضبط مع قدرتها العسكرية وقوتها، من دون أن تكون تلك القوة مقادة ببوصلة أخلاقية. وهذه المعالجة التي تذكرنا بفجاجة الفكر الواقعي السياسي الذي كان الأميركيون رواداً في تعميمه على العالم، وهو الفكر الذي يحيد المعايير الأخلاقية في السياسة الدولية, ويعلي من شأن القوة وما تفرضه (٣). وبالتالي فإن الكاتب يمجد القوة والتسلط مثلما ذهب مفكرون أمريكيون سابقون إلى القول: "أن القانون الطبيعي ليس هو المساواة! بل عدم المساواة،


(١) أمريكا .. تاريخ من العنصرية والمآسي الإنسانية ـ إعداد وسام الأسدي جريدة الخليج ٢٧ـ٢ـ٢٠٠٣م عدد ٨٦٨٤
(٢) أمريكيا طليعة الانحطاط - جارودى ص٤٨.
(٣) الفردوس والقوة .. أميركا وأوروبا في النظام العالمي الجديدـ روبرت كيغان ـ عرض/ كامبردج بوك ريفيوز

<<  <  ج: ص:  >  >>