أيتها المترفهة المتنعمة المطمئنة، القائلة في قلبها: أنا وحدي وليس هناك غيري، لن أعرف الترمل ولن أثكل. لذلك ستبتلين بكلا الأمرين معاً في لحظة، في يوم واحد، إذ تثكلين وتترملين حتى النهاية على الرغم من كثرة سحرك وقوة رقاك. قد تولتك طمأنينة في شرك، وقلت: لا يراني أحد ولكن حكمتك ومعرفتك أضلاك، فقلت: أنا وحدي، وليس هناك غيري. سيدهمك شر لا تدرين كيف تدفعينه عنك، وتباغتك داهية تعجزين عن التكفيرعنها، ويفاجئك خراب لا تتوقعينه" (اشعياء ٤٧، ١ـ١١).
هذه أمثلة بسيطة لما حوته التوارة من ألوان الحقد والكراهية، والرغبة في القتل والدمار ليس لبابل العراق وأطفال العراق فقط ... بل للمنطقة كلها كما سنرى. ففي العهد القديم وما صبه الأحبار الكرام فيه من أشكال الجوع وصنوف الكراهية وضروب الاشتهاء والظمأ إلى الدماء، وما سجلوه فيه مما لا سبيل إلى وصفه ـ مهما بدا ذلك غير لائق ـ إلا بمحاضر جلساتهم مع الإله، الذي صوروه دائماً مدلها بحبهم، ساعياً ورائهم، متوسلاً إليهم إن يرضوا عنه ويعبدوه، ومخططات تآمرهم معه على سائر خليقته. في ذلك الكتاب الدموي الذي تشجب بجواره وتبهت أفظع قصص الرعب والإثارة، كشف الأحبار والكهنة المقاتلون، من قديم، عن خططهم (١)، وأحقادهم تجاه المنطقة كلها، وليس بابل العراق. أما لو جئنا لكتاب سفر الرؤيا آخر كتب العهد الجديد، والذي أضيف إلى الكتاب المقدس بطريقه، مريبة فإننا سنجدد العجب العجاب، من أصناف الحقد والكراهية التي صبها علي بابل العراق.
[يوحنا وحقده على بابل]
عبر يوحنا اللاهوتي عن حقده على بابل في رأياه التي ذيل بها العهد الجديد، مستلهماً ما جاء في التوراة من صنوف الحقد والكراهية والإدانة، التي اشتهر أنبياء بني إسرائيل بإنزالها بالشعوب والأمم الأخرى جميعها. فقد كان اللاهوتي قد رأى في روما أفظع خطر يهدد اليهودية في زمانه، ولذلك اسماها باسم بابل التي كان على